يصعب الحديث عن أي شأن آخر خلال هذا الوقت مع الأحداث المتصاعدة بسرعة في الشقيقة مصر. العالم كله، والعربي على وجه الخصوص يحبس أنفاسه انتظارا لما سوف تسفر عنه الأمور، وردود الأفعال الرسمية للدول الكبرى لا زال يشوبها كثير من الغموض، حتى الأسطوانة التي أطلقتها أمريكا وعنوانها «الانتقال المنظم للسلطة» كانت مراوغة ومفتوحة لكل التفسيرات والاجتهادات. والمواقف الرسمية العربية لا نتذكر منها موقفا واضحا محددا سوى الموقف السعودي الذي أعلن بوضوح منذ اللحظات الأولى لاندلاع الأزمة، وكان أخلاقيا بامتياز لأنه وضع أمن واستقرار مصر في المرتبة الأولى.. لحظة كتابة هذا المقال بعد ظهر أمس كانت المظاهرات المليونية قد قاربت على الاكتمال، إن لم تكن فاقت العدد المتوقع، ولا زال المتظاهرون ملتزمين بالسلوك السلمي، وذلك موقف مشرف يجب أن يعترف به حتى الذين يختلفون معهم في بعض جوانب المشكلة. نائب رئيس الجمهورية الجديد أعلن حزمة من الإجراءات المهمة التي كلفه بها الرئيس مبارك، ولربما تكون بالضبط هي المطالب التي كانت حلم الشارع المصري منذ فترة طويلة، ولربما كانت أكثر مما كان يستطيع التعبير عنه، أو يطالب به، أو يتوقعه قبل بداية الأزمة، لكنه الآن لا يبدو أنه سيرضى بها، والدليل على ذلك هو استمرار تدفق الحشود المتظاهرة بنفس مطالبها السابقة رغم مرور يوم على إعلان تلك الإجراءات الموعودة.. هل نستطيع القول إن المشكلة هي إغفال أهمية الوقت وعدم الاهتمام ب (متى) يكون القرار؟؟.. إن لم تكن هذه هي كل المشكلة فإنها أهم جوانبها. الكثير من المتظاهرين الذين يملكون وعيا سياسيا جيدا تحدثوا بإيجابية وتقدير عن الرئيس حسني مبارك في منعطفات هامة مرت بها مصر لكنهم أشاروا بوضوح إلى أن الاستجابة جاءت متأخرة، وهذا ما خلق فجوة انعدام الثقة. الشعب المصري الذي استطاع تجاوز مرحلة الفوضى التي شهدتها البلاد، واستطاع إلى الآن ممارسة التعبير السلمي عن مطالبه، يستطيع بتفهم السلطة وتقديرها للموقف التأريخي الحساس والدقيق الذي تمر به أكبر دولة عربية، أن يتجاوز الأزمة بسلام وبأقل الأضرار إلى الآن، وقبل أن تدخل منعطفا أخطر ربما يجبر مصر على ما هو أسوأ إذا لم يكن العقل هو سيد الموقف، ولم يكن أمن واستقرار مصر وأحلام شعبها هي الهدف الأسمى. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة