أصبحت الأمطار في جدة تشكل معادلة صعبة، فلم تعد مجرد زخات يستمتع الأهالي بنسيم أجوائها الباردة، بل أصبحت تشكل طوفانا.. وبحيرات ومشاهد وقصصا مأساوية وكوارث كبيرة، وما شهدته العروس من أمطار غزيرة الأربعاء الماضي صورة واقعية كافية للتعبير عن معاناة أهالي المدينة الحالمة.. في كل مرة تتكرر مأساة الأمطار، وتتجمع المياه في الشوارع والأحياء وتدخل البيوت وتتلف الممتلكات والسيارات، وهي مشاهد تتوثق عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، ويجوب الطيران العامودي أرجاء جدة بحثا عمن احتجزتهم السيول، وتبادر الصحة بإعلان حالة الطوارئ، ويقف المرور عاجزا أمام السيارات المتداخلة في بعضها، وتتحرك الأمانة من كل اتجاه لعلها تستطيع شفط المياه والتخفيف من المعاناة.. لا تستطيع الأقلام التعبير عن معاناة سكان جدة مع الأمطار، فالكلمات تقف عاجزة عن البوح بمعاناة كل فرد يسكن في هذه المدينة الجميلة، التي فجأة تتحول إلى قصة مأساوية بعد الأمطار، ويتشوه وجه العروس.. الأمطار نعمة كبيرة يجب أن يستفاد من مياهها النقية، فكل المؤشرات البيئية تؤكد أن مياه الأمطار يمكن الاستفادة منها في الزراعة والصناعة وغير ذلك من أوجه الاستخدامات، ولنا في الدول العالمية الأخرى عبرة، فقد حرصت هذه الدول وخصوصا الفقيرة منها على مواجهة أمطارها الغزيرة بشبكات أرضية في كل شوارعها لاسيما الرئيسية منها، تتجه عبر أنابيب إلى خزان رئيسي تتجمع فيها كل المياه، ومن ثم يعاد تدوير هذه المياه ومعالجتها من الشوائب، واستخدامها مرة أخرى.. ويختلف الحال لدينا، فما زلنا نعاني ونشكو من تجمع مياه الأمطار في الأحياء والشوارع والبيوت، معرضين أنفسنا إلى أسراب البعوض والذباب والحشرات التي تتكاثر مع وجود البيئة الخصبة.. نداء أخير إلى الأمانة، «بيئة جدة» أصبحت مأساوية وسط كومة النفايات والمياه الراكدة والبعوض الطائر، وكل هذه المعطيات تهدد صحة الإنسان وسلامة بيئته، وتدعو إلى التحرك السريع في معالجة كل أوجه التلوث، وردم المستنقعات، وإزالة البحيرات التي تكونت نتيجة الأمطار، كما لا أنسى جانب مكافحة البعوض والحشرات التي هي الأخرى تنشط مع الأمطار مهددة البشر باللدغات الممرضة أو الحكة الجلدية وغير ذلك، فالرش الضبابي واليدوي بالمبيدات ضروري لمواجهة البؤر وأماكن النفايات. والله من وراء القصد.