شكلت موجة الأمطار والسيول التي اجتاحت مدينتي الحالمة عروس البحر الأحمر بيئة خصبة ومؤشرا لظهور العديد من الأمراض التي تهدد صحة الإنسان، وخصوصا الأطفال، ومنها الأمراض المعوية وأمراض العيون والجلدية والملاريا، وبالطبع أخطرها حمى الضنك. فالبعوض الذي يدلعه أهالي جدة بالناموس أصبح يطاردنا في كل مكان، وملازما لنا أينما توجهنا، وكثيرا ما يثير فينا الرعب، فيما تتأمل نظراتنا تحركاته في كل صوب تحسبا للدغته المباغتة، وذهننا مشغول بالسؤال يا ترى هل هذه البعوضة التي تتمخطر وترقص أمامنا هي بعوضة الضنك. وكلمحة طبية، فالضنك هو مرض فيروسي حاد وتنقله أنثى بعوضة الأيديس إيجبتاى، وتلدغ نهارا من بعد الشروق إلى قبل الغروب بساعتين، وتتكاثر في وضع البويضات في المياه الراكدة، ولا تنتقل العدوى مباشرة من شخص لآخر، وتكون البعوضة معدية بعد 8 إلى 12 يوما بعد وجبة الدم التي تحصل عليها من المريض. ويصاب الشخص بالمرض بعد لدغة البعوضة المصابة من 4 إلى 7 أيام، وتتمثل أهم أعراضه في حمى مستمرة تصل إلى 40، وصداع شديد واحمرار العين وألم في المفاصل والعضلات واضطراب في الجهاز الهضمي وفقدان الشهية، وقيء وطفح جلدي ينتشر في الأطراف، وقد تحدث بقع نزفية صغيرة وبالإضافة إلى حدوث مظاهر نزفية كبيرة فى الجهاز الهضمي مثل قيء دم، ويحدث نزيف وتسبب تسرع وضعف النبض وبرودة الأطراف وشحوب الوجه، وهذه المرحلة من أخطر مراحل المرض. وإذا اكتشف المرض مبكرا فعلاجه بسيط، أما إذا أهمل فعلاجه صعب، وينقل المريض إلى المستشفى لنقل دم بلازما ومحاليل سوائل والمضادات الحيوية والمخفضات، وأهم الإجراءات الوقائية من هذا المرض الخطير استخدام مبيدات ورش الحشرات والبعوض وإزالة بؤر تراكم المياه. كل هذه المعطيات بلا شك تدعو إلى التحرك السريع في إزالة المياه الراكدة التي أصبحت من ملامح بعض الشوارع، والرش بالمبيدات الحشرية، ومعالجة كل أشكال التلوث والنفايات التي وجدت نتيجة الأمطار والسيول. وأخيرا.. لا يفوتني أن أسجل كل التقدير لصحة جدة التي جندت فرقا طبية لمتابعة وعلاج المتضررين، والتحية موصولة للشباب النشامى فى تطوعهم ومساعدة الفرق الطبية لخدمة المتضررين بكل تفان وإخلاص.