انقسم المحتجزون في شوارع جدة أمس الأول بين مفضلين للجلوس في المناطق المرتفعة على بعض ميادين جدة بصحبة مركباتهم لتبادل الأحاديث فيما بينهم والاستماع للتحذيرات عبر المذياع ومشاهدة حالات احتجاز المياه للمركبات، ومجبرين على التسابق داخل المياه سيرا على الأقدام للوصول إلى الجهات التي يقصدونها. «عكاظ» التي وقفت شاهد عيان في المنطقة الواقعة بين البلد وحي الهنداوية أسفل جسر الستين، رصدت انتشار المركبات المحتجزة داخل مياه الأمطار في الشوارع وأعلى الميدان هربا من المياه، فيما فضل أصحاب المركبات المتوقفة فوق الجسر مشاهدة الأحداث المتتابعة أمامهم بصمت وترقب لمدة وصلت إلى نحو 10 ساعات. وكسر حاجز صمت المحتجزين أسفل الجسر عبور شخصين يركبان بابا خشبيا حولاه إلى قارب نجاة هربا من المياه التي حاصرت منزلهما داخل حي الهنداوية، لتنطلق الضحكات من عمق الألم الذي ألم بنفوسهم جراء طول انتظارهم، فيما أطلق مجموعة يركبون فوق شاحنة التحايا للمشاهدين، داعين المحتجزين في الوقت ذاته إلى الركوب للوصول إلى منطقة آمنة. وبعد مضي نحو ثلاث ساعات من الاحتجاز بدأ الملل والضجر يتسلل إلى المحتجزين فانطلق عدد كبير منهم إلى وجهاتهم سيرا على الأقدام لمسافات تصل إلى نحو 20 كيلو مترا، لتتحول منطقة أسفل جسر الستين إلى محطة مغادرة ووصول وعبور في الوقت ذاته. يقول خالد عبد الله الذي اتخذ من أسفل جسر الستين محطة استراحة له: «أديت اختباري في كلية البترجي شمال جدة وبطريق عودتي إلى منزلي في الجنوب تعطلت مركبتي في ميدان الفلك فاضطررت للسير على الأقدام لأطمئن أسرتي». ومع دخول المحتجزين الساعة السادسة من الانتظار بدأ الضجر والتهور يتسلل إليهم، فقرر عدد منهم مغادرة الميدان لدخول مغامرة لا يمكن توقع نهايتها مع ارتفاع مستوى المياه في الشوارع، فيما أوقف الطين الموزع أعلى الميدان تنفيذ هذا القرار لدى بعض منهم ليجبروا على الوقوف مرة أخرى بانتظار من ينهي معاناتهم، ليتدخل المتطوعون بسياراتهم ذات الدفع الرباعي لسحب السيارات العالقة في الطين. يقول عادل بايزيد مالك إحدى سيارات الدفع الربع: «أتيت من بحرة قاصدا منزلي في حي النسيم وعند مشاهدتي التزاحم أعلى جسر الميناء قررت مغادرته من المخرج الذي ينقلني إلى جسر الستين لأفاجأ بالأمر ذاته، لأقرر سلوك الطريق أسفل الجسر وتفاجأت بالمركبات المحتجزة مع أسرهم ما دفعني إلى مساعدتهم بسحب مركباتهم والوصول بها إلى منطقة آمنة». ولدى وصول مدة الانتظار للساعة العاشرة من الوقوف على الميدان غادرت المركبات قاصدة وجهاتها المختلفة ليفاجأ الكثير بإغلاق أغلب الطرق الرابطة بين جنوبجدة وشمالها، ما أجبر عددا منهم على سلوك طريق مكةالمكرمة وصولا إلى عسفان ثم الدخول إلى طريق المدينةالمنورة ليتفرقوا في أحياء شمال جدة قاصدين منازلهم منهين قصة احتجاز مياه الأمطار لهم.