بعد تواصل هطول أمطار غير مسبوقة استمرت نحو أربع ساعات، أعلنت في جدة أمس (الأربعاء) حال طوارئ قصوى. وتعثر وصول طائرات الإنقاذ إلى مخطط أم الخير، إذ عادت ظهراً ثلاث من أصل أربع طائرات أقلعت «القاعدة» متجهة لإنقاذ الأهالي من دون أن تنفذ أي عمليات إنقاذ عقب تعذر وصولها بسبب انعدام الرؤية، بينما تمكنت الأخيرة من إنقاذ ثلاثة أشخاص. وعادت الطائرات لتنفيذ عمليات الإنقاذ عصراً. وشُلّت الحركة في غالبية الطرق العامة، واحتجزت أعداد كبيرة من الأسر والأفراد داخل مركباتهم ساعات طويلة. وطلبت المديرية العامة للدفاع المدني من سكان المدينة الساحلية البقاء في منازلهم وعدم الخروج منها إلا للحاجة، بينما توقعت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة استمرار هطول الأمطار على الضواحي الشمالية الشرقية من جدة وشمال العاصمة المقدسة وطريق الهجرة. ووصل إلى محافظة جدة عدد من فرق الإسناد التي تحوي قوارب مطاطية وآلياتٍ وأفراد الدفاع المدني في العاصمة المقدسة والطائف. واستنفرت وشاركت أيضاً قوات الطوارئ وحرس الحدود والجيش والدوريات الأمنية والمرور وغيرها من القطاعات العسكرية التي ساندت «مدني جدة». وأدى انهيار في السد الاحترازي في منطقة أم الخير إلى إعلان حال الطوارئ وإخلاء المناطق الموازية لشارع فلسطين مع طريق الحرمين والأحياء الشرقية والغربية نتيجة قوة مياه السيل القادمة من شرق المحافظة، وإغلاق طريق الحرمين وطريق الملك الذي شهد كميات كبيرة من المياه غمرت الأنفاق، بينما ارتفع منسوب المياه في مخطط أم الخير إلى نحو ثلاثة أمتار ونصف ما دعا السكان إلى الصعود إلى أسطح المنازل وطلب الاستغاثة. وتداول المجتمع الجداوي أمس أنباء غير رسمية حول احتمال وجود عدد من الوفيات بين صفوف المحتجزين. وكانت إدارة الدفاع المدني تلقت إنذاراً من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عن سيول منقولة ورياح تصل سرعتها إلى 70 كيلو متراً في الساعة، وتصل أضرارها إلى منطقة الميناء والحمراء والبلد والمطار القديم وحي الجامعة ومنطقة قويزة والربيع. وتسببت الأمطار التي هطلت بغزارة على جدة نهار أمس، في احتجاز عدد من الطلاب والطالبات، إذ احتجزت نحو 70 طالبة ومعلمة في مجمع مدارس الزهراء، وتم إخلاء إحدى بنايات الطالبات بعد حدوث التماس كهربائي، إضافة إلى احتجاز عدد من الأسر في مبنى في حي السبيل تعرض لالتماس كهربائي، وكذلك اشتعال النيران في محطة وقود، وإخلاء عدد من السكان في مخطط الصقر في حي النسيم بعد أن ارتفعت المياه إلى أكثر من متر ونصف. كما أدت كميات الأمطار الغزيرة التي غطت معظم شوارع جدة إلى تعثر وصول فرق الإنقاذ والقوارب لوقت طويل، فيما استمر انتظار طائرة لإنقاذ مريض بالقلب نحو ساعتين في حي أم الخير. ووقفت طائرة إنقاذ على حال شخص أصيب بكسر في قدمه بعدما تعثر على جسر فلسطين، بينما كان ينقل زوجته للمستشفى في حالة ولادة. وذكر الناطق الإعلامي في إدارة الدفاع المدني في منطقة مكةالمكرمة الرائد عبدالله العمري أنه جرى إنقاذ نحو 100 شخص من خلال القوارب، خصوصاً في منطقة أم الخير التي كانت الأكثر تضرراً. كما نفذ الطيران العمودي طلعات عدة وتمكن من إنقاذ نحو 200 شخص من محتجزي مخطط أم الخير وطريق الحرمين وشارع فلسطين، إذ نقلوا إلى قاعدة الطيران قبل إيوائهم في الشقق المفروشة. ولفت إلى أن كميات الأمطار الغزيرة تسببت في انهار الجزء الأوسط من السد الاحترازي في أم الخير، وأشار إلى تلقي عمليات الدفاع المدني عدداً كبيراً من بلاغات الاستغاثة كان غالبها احتجاز داخل السيارات في مواقع تجمعات المياه. وأضاف أن عدداً كبيراً من القوارب المطاطية وزعت على المواقع المتضررة لتنفيذ مهمات إنقاذ المحتجزين داخل المباني والسيارات، واستدرك: «لكن ما زال الوصول إلى بعض المناطق صعباً، نتيجة توقف الحركة المرورية وارتفاع منسوب المياه».