عند بدء سباقه مع السلحفاة، أخذ السيد أرنوبي يحدث الجماهير يمنة ويسرة ضاحكا وساخرا من «حماقة» السيدة سلحفاة، وهازئا بمحاولتها الفوز بالرغم من إمكانياتها المتواضعة جدا مقارنة بأمجاده الأول، وسجل النجاح الباهر الذي حققه فيما مضى. وهنا وقفة مع ذلك الكاتب أو المؤلف أو الإعلامي الذي تفرغ لذم أمته وأمجادها وأسلافها والقدح في تاريخها، منشغلا بكل هذا عن مدى إسهامه في صناعة هذا التاريخ عوضا عن تشويه صورته. وقفة مع الخطاب الذي انهمك في التحذير من التغريبيين والعلمانيين، منشغلا عن عيوبه ومدى مواءمة خطابه للظرف والمكان ومدى إسهامه الحقيقي في بناء الإنسان الفاعل لا المتلقي المستهلك!. وقفة مع ذلك المعلم حين انهمك في الحديث عن عيوب الغرب وكيف أنهم انحطوا في أخلاقهم وقيمهم، متناسيا الدرس الذي حضر الطلاب من أجله وحين اتكأ هو وطلابه على رؤيتهم المحدودة للغرب، خلدوا إلى النوم منشغلين عن سباق الإنجازات العلمي الذي تفوق فيه الغرب!. وقفة مع ذلك الأب الذي انهمك يحدث أبناءه وأصدقاءه عن عيوب جاره وكيف أن هذا الجار البائس لا يحسن تربية أبنائه، منشغلا بكل هذا عن حقوق هذا الجار وحسن جواره!. وقفة مع ذلك الموظف الذي ما فتئ يتحدث عن عيوب المنشأة التي يعمل بها وكيف أن إدارتها رديئة إلى غير ذلك من أشكال التذمر والشكوى، منشغلا بكل هذا عن أداء عمله على الوجه الأمثل الذي هو في هذا المكان من أجله!. وقفة أخرى مع الجمهور الذين انشغلوا بذم إسهامات غيرهم من المبدعين بكل سلبية منشغلا بهذا عن المشاركة والمنافسة في أيِ من مجالات الإبداع!. وقفة مع ذلك الطالب الذي انهمك في الحديث عن البطالة وعيوب المعلم والمنهج، منشغلا بكل هذا عن الجد والاجتهاد واختيار ما يوافق طموحه لبناء مستقبل يتوق إليه فلا يقع في فخ البطالة هو الآخر!. فهد أحمد عطيف باحث في لغويات الاعلام