وكان الصغار يلعبون في الحارة مع الجيران، ويجرون في الشوارع تحت زخات المطر، وتساقط حبات (البرد) ويرددون بفرح الكلمات الماطرة بعذوبة عفوية.. يا مطره حطي.. إلى آخر تلك الكلمات الطفولية وغيرها. كانت (مرازيب البيوت) تنثر ماء أسطحها للشوارع المحيطة بها و(البرد) يتناثر حولها، ويجمعه الأطفال في الأواني وأطراف ثيابهم ويتقاذفون به فيما بينهم بكل فرح وسرور، ولا تتعطل حركة السير، ولا تتهدم المنازل على ساكنيها، ولا يغرق أحد أمام منزله وأسرته.. إلخ. كان الناس يفرحون بهطول الأمطار.. ويختارون لها الأطعمة الخاصة بها، مثل الرز بالعدس، والسمك، والسليق، والحنيني، والمحلى.. وغيرها من الأطعمة بحسب عادات كل منطقة من مناطق بلادنا.. وكان الناس يذهبون إلى البر أو البحر للاستمتاع بمنظر هطول الأمطار، وكل يعبر عن فرحته على طريقته. أما أمطار اليوم فقد تحولت إلى كابوس مخيف.. واستبدلت أغاني المطر بالدعاء (اللهم حولينا ولا علينا ...) لعل الله ينجينا ويحمينا من نتائجها، وغابت الفرحة بها، وبقي الأطفال في بيوتهم خوفا منها بالرغم أنها سقيا رحمة وفرحة، ولكن في غير بلادنا. لماذا وصلنا إلى هذا الوضع، ومن هم المسؤولون عن ذلك، رغم فارق الإمكانات الشاسعة لدينا بين الماضي والحاضر.. لماذا أصبحت الأمطار نذير شؤم بدل أن تكون بشرى خير ورحمة وبركة.. من اغتال فرح الأطفال التواقين للمطر.. وإلى متى سنظل نخشى الأمطار؟! لقد وعدنا بحلول سريعة وحاسمة تجنبنا نكبات الأمطار، والتي للأسف أصبحنا نعتبرها من النكبات.. ما هي العوائق الحقيقية (سؤال عفوي نعرف إجابته) لكننا لا نستطيع تفعيله لأننا لسنا في موقع المسؤولية، ونعرف كذلك أسباب إخفاقاته لكننا لا نملك سوى الكلمة، إن كان هناك من يقرأ ويهتز له ضمير. إلى متى سنظل نتفرج على نكبات الأمطار والسيول وكأنها لا تعنينا، ولا نسمع سوى وعود تذهب مع أدراج الرياح بعد كل موسم مطر وكأن شيئا لم يحدث، وكأن لا أرواح أزهقت، ولا بيوت تهدمت، ولا شوارع تكسرت، ولا تنمية للمخاطر تعرضت؟ لقد سألت نفسي لو كانت تلك الأمطار قد طالت بيوت المسؤولين عن مدننا وتعرضت أسرهم إلى نفس المخاطر، وغرقت منازلهم.. وتكسرت الشوارع المحيطة بها.. هل سيستمر الوضع على ما هو عليه؟؟ وكانت الإجابة دائما هي لا. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لو أن دابة عثرت في العراق لسألني الله عنها يوم القيامة، لم لم تعبد لها الطريق يا عمر.. ولو ماتت سخلة على شاطئ الفرات ضياعا لخشيت أن يسألني الله عنها). فكيف والبشر في مدينة جدة يتعرضون إلى المخاطر والهلاك (علانية) ولا نجد ضميرا يتحرك.. فأين نحن من الإسلام.. وأين نحن من المسؤولية الوطنية.. أجيبونا إن كنتم تستطيعون.. بالفعل وليس بالتصريحات العبثية.. وبالله التوفيق. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 266 مسافة ثم الرسالة