في وادي نعمان جنوبي المملكة، تنتصب بعض خيام مهترئة وعشش بالية، لا تقي برد الشتاء ولا حرارة الصيف تؤوي الشقيقين (معيض وحمد)، بملامح رجلين في عقدهما السادس، تتجسد على ملامحهما أشكال الحزن والألم واستدرار العطف والشفقة، خاصة وجوه الصبية والأطفال الذين حرموا من التعليم وانطفأت في عيونهم الطفولة والحياة. الشقيق الأكبر معيض (يعمل مستخدما في إدارة حكومية) وصف حالته بالبؤس، وقال: يذهب راتبي بكامله لتغطية الديون، في ظل رفض الجمعيات الخيرية مساعدتنا، بحجة أننا لا نقع في النطاق الجغرافي الذي تتكفل به! ويواصل: أعول زوجتين وعمتي الطاعنة في السن وعشرة أبناء، بعضهم بلغ سن الثالثة عشرة، إلا أنهم محرمون من الدراسة لعدم قدرتي على دفع مصروفاتهم، وانعدام وسيلة المواصلات التي تنقلهم إلى المدرسة، فيما عمتي ترقد داخل خيمة لا تقيها البرد القارس، ولم تعد قادرة على المشي لمعاناتها من أوضاع صحية صعبة، مضيفا «حالي ليس بأحسن من حال شقيقي الأصغر (حمد) الذي يعمل أيضا مستخدما في إحدى الإدارات الحكومية، ويذهب كل راتبه من الوظيفة في شراء احتياجات أسرتنا، لديه 13 ابنا وزوجة ووالدتنا العجوز، ولأن حمله ثقيل لا يتبقى من راتبه ريال واحد يدخره لتحسين معيشته ومعيشتنا ومساعدتنا في مغادرة هذه الخيام التي نعيش تحتها منذ أكثر من عشرة أعوام». وفيما كان الشقيق الأصغر يستمع إلى كلام شقيقه نزلت على خديه دمعة توقف معها الكلام، بعدها أمسك بزمام الحديث، وقال: هذه الخيام تسببت في موت طفلي الذي لم يتجاوز 14شهرا عندما شب فيها حريق، ومعاناتنا لا تتوقف عند الخيام، بل حتى مياه الشرب النقية أحيانا لا تتوافر لدينا لعدم قدرتنا على شراء الوايت (100) ريال. ويؤكد هادي (أحد الدائنين للشقيقين) حالة الفقر التي وصلا إليها، إذ يقول: أقرضتهما 60 ألف ريال، وكلما أتيت إليهما لاسترداد المبلغ أجدهما في أسوأ حال، فاخجل من نفسي وأعود من حيث أتيت .