على مدى الشهرين الماضيين، لا يمر يوم من دون أن أجد أسئلة في بريدي تبحث عن أجوبة، رجاءات بالموافقة على إجراء حوارات، أو أقلها تجميعات من حوارات سابقة، وأسئلة لم تطرح علي من قبل، تمت الإجابة عنها نيابة عني ووضعت في الصحف، سوى أتلك الورقية منها أو الإليكترونية، ولدرجة فقدت فيها أية رغبة في الكتابة، لا أستطيع التفكير بصفاء، ولا أستطيع أن أعثر على بداياتي ونهاياتي، ونصوصي التي أحب كتابتها، وتحب هي أن أكتبها، برغم كل ما نسببه لبعضنا من كآبة. في رأيي أن إشغال الكاتب في حوارات متتابعة، يتحدث فيها نفس الحديث، يروي نفس الذكريات، ويضيء عددا من نصوصه، نفس الإضاءات، لا يضيف كثيرا إلى تجربته الإبداعية، لا بأس من حوار أو حوارين في السنة، ويكون ذلك بمناسبة صدور كتاب جديد للكاتب، لا بأس من ذلك، وأن يكون الحوار منصبا على تجربة الكتاب الجديد؛ بمعنى أن يكون المحاور قارئا للنص في الأول، وقادرا على استخراج ما يظنه معتما منه، ومن ثم طرحه على الكاتب، حتى يحصل على الإضاءة اللازمة. هذا يفيد الكاتب والقارئ معا، أحدهما يبين ما خفي من تجربته، والآخر، يتلقف ذلك الإيضاح، ويدخل به إلى القراءة. ولا أعتقد أن القارئ معني كثيرا بذكريات الكاتب ومعاناته الطويلة، حتى استطاع الوصول إلى صفحات الحوارات، ماذا يعني أن كاتبا تشرد كثيرا، ماذا يعني أنه نام في الطرقات، ولم يعثر حتى على شطيرة فول يسد بها جوعه. هذا الكلام يكتب في السيرة الذاتية للكاتب، أو في رواية بطلها شخص مشابه للكاتب، ويوجد قراء كثيرون، أنا منهم، يعشقون قراءة السير الذاتية. ومن الطرائف التي صادفتني، أن محاورة قدمتني باعتباري صاحب مائتي رواية، وطبعا هي لا تعرفني من قبل، وما سمعت بي إلا يوم أعدت لها فقرة عني، عليها تقديمها، وهي صاحبة برنامج ثقافي، ويفترض في معد ومقدم البرنامج الثقافي أن يكون ملما حتى بأكثر الكتاب بعدا عن الشهرة، حتى إذا ما أعد أو قدم فقرة عن أحدهم، يفعل ذلك عن دراية. وقد علقت على مسألة المائتي رواية تلك، بأن ذلك يعني أنني كتبت روايات السودان كلها، وزحفت شمالا إلى مصر. لا أحد يكتب مائتي رواية حتى لو عاش عمرين أو ثلاثة أعمار. حتى المبتدئون في المعرفة يستطيعون استنتاج ذلك. في النهاية أعود إلى رأيي الذي أصبح من آرائي المفضلة التي أرددها مع نفسي: أفضل ألف مرة للكاتب أن ينشغل بإبداعه، يحاور نصوصه، يفرح معها ويكتئب معها، من أن ينشغل بترديد نفس الكلام، في كل مرة، ويأتي يوم يسأم فيه حتى متصفحو الصحف، وسياح الصفحات الإليكترونية، من وجهه وحديثه. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة