العفو من أسماء الله الحسنى، وهو من العفو أي التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله من المحو والطمس، فالله تعالى يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي.. ومعنى العفو قريب من الغفران ولكنه أبلغ منه، فالغفران ينبئ عن الستر والعفو ينبئ عن المحو، والمحو أبلغ من الستر. والله تعالى يريد منا أن نتخلق بمعاني أسمائه وصفاته الحسنى على وجه يليق بعباده.. فهو الذي بعث رسوله متمما لمكارم الأخلاق.. وحظ العبد من اسم الله (العفو) أن يعفو عن كل من ظلمه، بل يحسن إليه، كما يرى الله جل في علاه محسناً في الدنيا إلى العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة بل ربما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم وإذا تاب عنهم محا سيئاتهم، إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له. والصفح والعفو متقاربان في المعنى إلا أن الصفح أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، وصفحت عنه: أوليته صفحة جميلة. يا لها من أخلاق ربانية نورانية من تأملها زادته معرفة وقربا وحبا لله، وكم نحن بحاجة ماسة إلى مثل هذه الأخلاق تعزز روابطنا الأسرية والاجتماعية والعالمية. وقد استوقفتني صفتا العفو والصفح ورحت بها إلى تلك القلوب المتعطشة إلى عفو وصفح يبدآن منهما حياة أخرى صحيحة مستقيمة.. تلكم القلوب هي صدور فتيات دار الرعاية اللائي استجبن لأزيز الشيطان وهمسه فضللن وغوين وقدر عليهن فعوقبن وانتهت مدة الحكم. ليتطلع الأمل بعيونهن إلى الأمن والحب والحنان والعفو والصفح من ذويهم فهن اللائي كسرت قلوبهن العقوبة واعتملت توقعاتهن من ذويهن والمجتمع حتى الصراع. فماذا يا ذوي الفتيات.. يا أم الفتاة ويا أب الفتاة أنتما بالذات ثم إخوانها وأخواتها؟ أين أنتم من عفو الله وصفحه على العصاة والكفرة؟ ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ اغفروا لها.. ألا تحبون أن يصفح الله عنكم في عرصات يوم القيامة وأهواله؟ اصفحوا عنها.. ألا تحبون أن يعفو الله عنكم يوم الحساب والميزان ومد السجلات؟ اعفوا عنها.. فوالله لأنتم بعد الله من يعزز خطواتها وينصر انطلاقاتها إلى حياة وواقع ومواجهة للمجتمع.. فيا أيها الغافرون والصافحون والعافون أفيئوا إلى حناياكم واملأوا أكفكم من تلك الرحمة التي بثها الله فيكم وأفيضوا بها على فتيات الدار حين يغادرنها وقد أبديتم لهن ملامح احتوائكم لهن، فمن لهن إن أغلقتم في وجوههن الأبواب؟ وقد جعل الله بعضنا لبعض سخريا، نعم فأنتم رحمة الله التي أجراها بين عباده ،فاهنأوا بما وكلكم به ربكم من رحمة في الدنيا يرحمكم بأوسع منها في الآخرة.. فلنسع إلى إصلاح دروبهن، فحتما كنا سببا في إفسادهن. [email protected]