لا يخفى على أحد منا، وبخاصة على أرباب الأسر، الذين يزورون الأسواق طوعا أو كرها ما شهدته البلاد في الأيام الماضية من تنافس المحلات العالمية ذائعة الصيت، التي لها فروع في مدننا الكبرى، حيث وصلت نسبة التخفيضات بمناسبة ما يسمى بأعياد الميلاد أو رأس السنة الميلادية إلى 50 % بل وأكثر من ذلك. نعم المواطن هو المستفيد بالطبع من هذا التنافس المحموم، فائدة مادية بالدرجة الأولى، بحيث أصبح الكثير منا يترقب أعياد الميلاد، لنشتري لأولادنا ولأنفسنا ما نريد، بأسعار أقل لبضائع جيدة المستوى صناعة غربية الطبع، وأصبحت هذه الأعياد نافذة لإدخال السرور والبهجة على الكبار منا، والذين يوفرون وعلى الصغار أيضا الذين ينعمون بما نشتريه لهم. لا بأس في ذلك، إذا كانت سياسة هذه المحلات العالمية، ومن سار على دربها من محلاتنا الوطنية، في سائر الأعياد والمناسبات الرسمية في بلادنا، لكني، وعيد الأضحى ليس ببعيد عنا، أشهد العكس تماما، فلا تخفيضات، ولا غيره، ترتفع الأسعار في أعياد المسلمين، لتصبح هذه الأعياد مصدر قلق وحيرة واضطراب للكبار، ونافذة تتسرب منها التعاسة والكآبة إلى صغارنا، الذين لا يتمكنون من تحقيق أحلامهم في شراء ملابس جديدة، أو لعب متواضعة. ومن هنا تكمن المفارقة العجيبة التي سيتأثر بها حتما أطفالنا، بل وجهلاؤنا الذين لهم أجساد الرجال، وعقول العصافير. أعياد الميلاد الأجنبية تأتي بالخيرات، والبهجة والسرور، ينعم في أجوائها الجميع، وأعيادنا الإسلامية تأتي بالتخاصم بين الأزواج، وبالهم والنكد لكبارنا وصغارنا. فهل هذا شيء مقصود؟! أنا لا أعترض على أن تقوم هذه المحال العالمية وغيرها بالإعلان عن تخفيضات في المناسبات المختلفة، كالأعياد عموما، وبداية العام الدراسي، لكن أعترض على أن تقتصر سياسة التخفيضات على أعيادهم، أعني أعياد غير المسلمين، وهم غير قليلين في مدننا الكبرى كجدة والرياض وغيرهما، في الوقت الذي تتوارى فيه هذه التخفيضات، أو تكون شكلية ووهمية وغير مجدية، في أعيادنا أعياد أهل البلاد والمقيمين فيها من مسلمي العالم أجمع، قد يقول البعض: إنها تأتي للجرد السنوي لبضاعة جديدة. فنقول: لا بأس، لكن الأمر، بما أن لهم محلات تجارية تسمى (الماركات)، فالقضية يمكن تنظيمها من قبل وزارة التجارة، بوضع برامج زمنية، يتم تحديد المناسبات والفترات التي تعلن فيها عن هذه التخفيضات، وهو أمر متبع في العديد من البلدان، ومراقبة تنفيذ هذه البرامج ونسب التخفيضات فيها، بل ونوعية السلع التي تخص بالخصومات، فلا يتم تخفيض الملابس الإنجليزية مثلا في أعيادهم بنسبة 50 %، وفي أعيادنا بنسبة أقل بما أنهم يسوقون تجارتهم لدينا. أخشى ما أخشاه أن ينغرس في عقول أطفالنا تمجيد هذه الأعياد غير الإسلامية لارتباطها بإغراءات تنشرح صدورهم لها، وفي الوقت نفسه يحدث العكس في أعيادنا، التي تشهد ونحن نشعر جميعا بذلك ارتفاع أسعار سلع كثيرة بمناسبة الإقبال عليها. مطلوب من الإعلام والإعلاميين توعية المواطنين، ومطلوب من وزارة التجارة وغيرها من الجهات الرقابية أن تكون حاسمة في بسط برامجها ونظمها ولوائحها، فكل دول العالم تسن من التشريعات ما تنظم به اقتصادياتها، مع مراعاة شتى الأبعاد: الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمواطن، فالمواطن أولا، وقبل حسابات المكسب والخسارة، ينبغي أن يكون محل الاعتبار. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة