تحمل كل مخطوطة في معرض «تراث المملكة العربية السعودية المخطوط» حكاية تاريخية طويلة، أبطالها ومؤلفوها ونساخها وملاكها ومكان تواجدها، لكن ثمة ما يجذبك في بعض هذه المخطوطات، لا سيما المثيرة للجدل، والمؤرخة للحرم المكي، وما خطه أحمد بن تيمية من فتوى حول «أن الطلاق الثلاث لا يقع إلا مرة واحدة». جولة «عكاظ» على المعرض توقفت عند رسالة شيخ الإسلام أحمد بن تيمية (توفي سنة 728ه) المكونة من اثنتي عشرة ورقة في فقه الطلاق، نسخها تلميذه أبو عبد الله ابن رشيق، وعليها خط الشيخ ابن تيمية في موضعين، وتوضح المخطوطة جدلية الطلاق التي كثر حولها النقاش. رسم الحرم المكي الزائر للمعرض لن يستطيع المغادرة دون المرور على مآثر وفنون المفكر الإسلامي محيي الدين الكلشي الذي رسم الحرم المكي الشريف أثناء رحلته لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، قبل أكثر من 475 عاما. ويتضمن المعرض كتابه المخطوط النادر (فتوح الحرمين الشريفين) باللغة الفارسية الذي وصف فيه رحلته إلى مكةالمكرمة. المخطوطة النجدية وتعرض الدار في المعرض للزوار أقدم مخطوطة نجدية منسوخة باليد، وهي (الإفصاح عن معاني الصحاح) الذي عني بشرح صحيحي البخاري ومسلم لمؤلفه عون الدين أبو المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الشيباني، وزير القضاء في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله (499ه / 560ه 1105م/1165م)، حيث تحمل المخطوطة على كاهلها تعب 549 سنة هجرية، منذ ولادتها على يد ناسخها منيف بن إسماعيل بن عبد الله بن مسند بن عمر بن بسام من أهل بلدة أوشيقر في منطقة نجد، عشية يوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر شوال عام 882 ه، والتي تعد أقدم مخطوطة نجدية تحتوي على ما يقارب الواحد والعشرين سطرا، مكتوبة بخط النسخ المعروف. القهوة والمتطفلون وفي جانب آخر، من المعرض يشاهد الزوار مخطوطة المؤرخ العلامة عثمان بن عبد الله بن عثمان بن بشر، المولود سنة 1210ه والمتوفى سنة 1290ه، التي تعود إلى أكثر من 170 عاما، جمعها في رسالة بعنوان (مرشد الخصائص ومبدئ النقائص في الثقلاء والحمقى وغير ذلك)، حيث تحدث فيها المؤرخ ابن بشر عن مساوئ مجالس القهوة (البن) التي كثر فيها كما يقول الثقلاء، وصارت قانونا للمسافرين وعنوانا للبيوت، كما تطرق للمتطفلين الذين يلمون بالمجالس من غير دعوة، ويمكثون فيها من غير رغبة في بقائهم، والآداب والأحكام والأمثال المتعلقة بالزيارة، ووصف الحماقة وبعض أخبار الحمقى وقصصهم.