في مقالة سابقة بعنوان هدر ربع ميزانية الدولة نتيجة لضعف الوعي، ذكرت بحسبة تقديرية أن خسائر الوطن من ضعف الوعي تقدر 126 مليار ريال، وهي نتاج ممارسات المجتمع التي أفرزت هذا النوع من الخسائر الذي يمكن تجنبه من خلال إعادة تشكيل الوعي في المجتمع لدعم حركة الثقافة والفنون. إن قياس آثار الاهتمام بالثقافة والفنون يمكن قراءته من خلال النتائج الاقتصادية التي تحصدها بعض الدول التي تولي الثقافة اهتماما بالغا ولعل من أبرزها فرنسا، فالمادة الأولى من المهام الرئيسية لوزارة الثقافة في فترة رئاسة شار ديغول في العام 1959م «جعل المؤلفات الرئيسية للإنسانية وفرنسا قبل كل شيء في متناول العدد الأكبر من الفرنسيين، وتأمين الجمهور الواسع للتراث الثقافي، وتشجيع إنتاج مؤلفات الفن والعقل التي تثريه»، ولا عجب بعد ذلك أن تكون عاصمة الأنوار باريس من أبرز منارات الثقافة والفنون في العالم ومهرجاناتها تحظى بانتشار واسع حول العالم، ومن غير المنطق أن نقفز للتفكير في أن نصل إلى ما وصلت إليه فرنسا دون إيجاد بنية تحتية للانطلاق، ولعل من الأنسب البدء بتأسيس مجلس أعلى للثقافة والفنون لتقليص الخسائر السابقة الناجمة عن ضعف الوعي تدريجيا من خلال ترسيخ مناخ الإبداع في المملكة وتشجيع ثقافة القراءة، وبدورها ستساهم في دعم إطلاق قدرات الرواد والمبدعين على اختلاف ميولهم وتطوير إنتاجهم الفكري، وإطلاق حركة نشر معرفي تساهم في رفع دخل الفرد والاقتصاد الوطني. إن الهدف الرئيس من إطلاق المجلس يكمن في رسم سياسات ثقافية تساهم في نشر المعرفة والعلوم ومكافحة موانع النهضة وتسليط الضوء على الفنون من خلال توفير موارد مالية ملائمة لإنتاج الثقافة في أوعية تتلاءم مع متطلبات العصر، فيمكن أن يعمل المجلس على تغيير ثقافة المجتمع من خلال ضخ ثقافة الكتاب المسموع من خلال دعم تحويل الكتاب الورقي إلى أقراص مضغوطة، وإلى كتاب إلكتروني، وإطلاق مهرجانات للقراءة للطفل، وأخرى مهرجانات للترفيه الثقافي للأسر، ومعارض للكتب في مختلف مناطق المملكة، وإطلاق صندوق للإبداع السعودي لتفريغ المبدعين لرسم نماذج إبداعية تساهم في إدارة سمعة الوطن، وكذلك دخول مناحي الإبداع إلى عجلة الاقتصاد الوطني، وبالإضافة إلى ذلك يمكن للمجلس عقد شراكات مع القطاع الخاص لتمويل الابتكار وإطلاق جوائز وطنية للثقافة والإبداع والفنون، وضخ ثقافة الكتاب الإلكتروني من خلال التعاقد مع الخدمة الحديثة لجوجل الكتاب الإلكتروني أو دعم إطلاق مكتبات إلكترونية وطنية، وبالإضافة إلى تنظيم مؤتمرات وندوات دورية في مختلف مناطق المملكة يدعى إليها نخب من رجال الفكر في العالم لدعم تطوير المجتمع وانفتاحه انفتاحا عقلانيا يسهل على المجتمع تقييم واقعه، وللوطن التقدم ورفع منسوب الإنتاجية والإبداع في أرجائه. ولإطلاق مثل هذه المجالس من الأنسب عقد ورش عمل يدعى إليها نخبة من رجال الفكر والاقتصاد والإبداع في مختلف مناطق المملكة لتحديد الاحتياجات الثقافية لرفع درجة استجابة المجتمعات المحلية للتطوير الثقافي، وعلى أن تقوم الورش كذلك باقتراح قنوات التمويل المالي الملائمة واختيار الشكل القانوني الأنسب لرسم السياسات العامة للتنمية الثقافية بعيدا عن المعوقات البيروقراطية، وعلى أن يكون مرجع المجلس معالي وزير الثقافة والإعلام. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة