ما أن يذكر نفق خميس مشيط، حتى يتبادر إلى الذهن وصفه بالمتعثر، وكأن هذه الصفة أصبحت علما للمكان الذي يجري إنشاء النفق فيه، حيث ارتبط التعثر بعملية التنفيذ منذ الوهلة الأولى لبدء أعمال الحفر، ليستمر معها على مدى أربع سنوات، فيما لا تزال عمليات التنفيذ تشهد تعثرا مستمرا وتجري ببطء شديد حتى الآن. ورغم إجماع أهالي خميس مشيط، على أن المدخل الرئيس من الجهة الغربية في اتجاه أبها يعد الشريان النابض إلى المدينة، إلا أن ما يشهده من تعثر فرض عدد من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك، خصوصا في ظل أهمية وحيوية الطريق الذي يجري تنفيذ النفق فيه. وتعود المعاناة إلى العام 1427ه، عندما شرعت إحدى الشركات في تنفيذ مشروع تحسين الطريق في مدة يفترض أن تكون (سنتين)، حيث بدأت العراقيل تعترض عمليات التنفيذ لتمتد إلى أربع سنوات، ويبدو أنه لا يوجد أمل في الانتهاء من تنفيذ المشروع في القريب العاجل، وأن أمام أهالي خميس مشيط الانتظار لسنوات وسنوات. ولكن بعدما أنجزت ترسية المشروع على المؤسسة التي بدأت أعمالها بشق حفرة كبيرة بامتداد كيلو متر واحد، اتضح بعد عدة أشهر للأمانة مشكلة كبيرة لم تراع عند تخطيط المشروع، وهي مشكلة مياه الأمطار التي تمثلت في تعارض وادي تارة مع المشروع، حيث اتضح وجود عبارة الوادي المعترضة للنفق وما ستسببه في المستقبل من خطر السيول جهة النفق، إذ من المتوقع أن تكون كميات الأمطار التي ستتجمع في النفق كبيرة جدا نظرا لأنه في الأصل واد كبير. ولحل هذه الإشكالية طالبت المقاول بمشروع آخر، وهو مشروع تصريف المياه إلى وادي عتود، حيث رفض المقاول هذا الطلب بسب عدم تخصيص اعتمادات له وحاجة المشروع إلى ميزانية أخرى مستقلة. مشكلة السيول وكل من يلقي نظرة على النفق في الأوقات التي تشهد هطولا للأمطار، سيدرك مباشرة حجم الخطر الذي يشكله النفق، حيث تملأ المياه النفق تماما ليتحول إلى بحيرة تبتلع كل ما في داخلها وتغمر المعدات التي تستخدمها الشركة المنفذة، فتتوقف أعمال التنفيذ إلى أجل غير مسمى قبل أن تعود الإنشاءات للبدء من نقطة الصفر من خلال إفراغ مياه الأمطار وأعمال الحفر وإزالة الأتربة من النفق، فضلا عن إشكالية تخصيص اعتمادات جديدة لمواجهة أخطار السيول وتصريف المياه في حالة هطول الأمطار وهو ما اشترطه مقاول المشروع لاستكمال العمل. وبعد الاتفاق على حل الخلاف حول مواجهة أخطار السيول، ظهرت مشكلة أخرى وهي أن العقد المبرم مع المقاول ينص على إنشاء نفق من مسارين، ولكن بعد تنفيذ مشروع آخر وهو عمل أكتاف لطريق خميس مشيط أبها حتى تكون مسارا ثالثا، طالبت الأمانة المقاول بزيادة عرض النفق ليكون ثلاثة مسارات دون اعتمادات خاصة، فرفض المقاول ذلك بحجة أنه مخالف للعقد المبرم مع الأمانة. ومع استمرار تعثر إنشاء النفق، وخلافات المقاول والأمانة وجه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز أمير منطقة عسير وصاحب السمو الملكي الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية اللذان يتابعان بصفة مستمرة كل تطورات العمل في المشروع، بتشكيل لجان للوقوف على النفق ميدانيا وبحث أسباب تعثره وإيجاد الحلول المناسبة. وبناء على ما رفعته اللجان المشكلة منح المقاول مهلة سنة وشهرين للانتهاء من تنفيذ المشروع، ورغم مضي أربعة أشهر على انتهاء المهلة إلا أن المشروع ما زال يحبو وعمليات التنفيذ لم تتجاوز 50 في المائة. وعد رئيس البلدية ووعد رئيس بلدية خميس مشيط الدكتور عبد الله الزهراني بالقضاء على مشاكل الحركة المرورية بمجرد الانتهاء من أعمال النفق، مؤكدا أن المشروع يشمل الشارع المشار إليه بحيث يكمل تقاطعين مهمين في المحافظة وهما تقاطع الصناعية القديمة، وكذلك تقاطع شارع الأربعين عتود، حيث يوجد جسران ستقام فوق النفق لربط هذين الطريقين مع طريق الملك فهد، بالإضافة إلى وجود دوارين باتجاه المحافظة للعائدين لوسط المدينة وكذلك دوارين للعائد إلى أبها. وحول مدة التنفيذ المتوقعة في ظل حالة التعثر التي مرت بها عمليات الإنشاء أكد الزهراني على اهتمام بلدية خميس مشيط بإنجاز النفق في أقصر مدة ممكنة، وقال: من الصعب تحديد وقت معين ولكنه سيكون قريبا إن شاء الله نظرا للإجراءات التي اتخذت في متابعة الأعمال في النفق.