أحيا الشاعر السعودي الشاب ظافر الحجري أمسية شعرية ضمن أنشطة معرض بيروت الدولي للكتاب. الأمسية تزامنت مع إصدار الحجري لديوانه الشعري الأول تحت عنوان «حجر وماء»، وكانت هاتان المحطتان اللتان شهدهما معرض بيروت للشاعر الحجري، خير مبشر بقدوم نجم كبير في عالم والشعر. ويتسلق الشاعر ظافر الحجري في قصائده تضاريس صعبة ويصطاد المفردة ويغلفها في أجواء تنبض بعافية الارتواء، ولعل خوضه في مسارات الشعر المنثور تأتي اتساقا مع كونه مدرس رياضيات للمرحلة الثانوية، كما أن أصوله التي تعود إلى منطقة النماص ومولده ونشأته في منطقة تبوك لها دور في إذكاء روح التحدي وارتياد مناخات كتابة خارجة عن إطار لغة الحجارة، لكنها تنبثق مثل نافورة المياه في الصيف القائظ. الديوان من الحجم المتوسط ويستهل الحجري أولى لوحات بوحه بنص «حجريات ومنادمة أرواح» وفيه يهتف: يسألون عن حب الأرواح كيف صورت لهم عوالمهم أن يسألوا بهذا الارتياح ويمضي النص في ابتهالات عارمة من التوجد والوجد الجميل ليعصف بكل ركام الحياة بأريحية واقتدار. قطرة السماء يعبر الشاعر بتخوم لها نبض الحياة ولكنه يتوجس في داخل نص «حجريات.. قطرة السماء» وبعض مقاطعه من المطر والأعالي والكتب الحجرية وتسطع في آخر القصيدة لغة هتاف حاد عن الموسيقى والموت متجاوزا اللغة الهامسة، ليمضي الديوان في الغوص في تفاصيل الحجريات من خلال نص «حجريات المتحف الحجري». الذي يبحر الحجري فيه بأريحية وكرم نفس في لوحة الإنسان والحرية ولوحة الحب ولوحة الأرواح والصديق والصديقة، رابطا بين هذه المنظومة بحبل من الوجد والتوجد الجميل. حجريات الغريب أما في نص «حجريات الغريب أنا» فيهتف من أعماقه حبا للوطن ويمتطي خيل الجمال باحثا عن ذاته الضائعة في أتون الزمن، وتمضي القصيدة وهي تترجم غربة الروح والجسد والوجدان في حروف متناثرة ولكنها في حقيقة الأمر والواقع تتسلق عصب التمازج والفعل الجميل. ويواصل الشاعر السير وهو يدفق رحيق الحجريات بصورة مدهشة وجميلة، محاولا البحث عن شمعة وحقول وبساتين ليريح فيها نفسه الهائمة، ويختم ظافر الحجري الديوان ببوح من أعماقه بعنوان (حجرية قداس وجدان)، الذي يتسلل من خلاله الشاعر بعفوية مفرطة إلى عمق الحياة وأمواجها ورياحها ويرسل أبجديات من الحب والإعجاب إلى الكثير من منظومات الحياة حيث تتضمن القصيدة الكثير من بوح الحجريات منها حجرية إلى الرب وحجرية سهم مسموم وحجرية جسد بارد وحجرية حالة إنسانية أرضية وحجرية ليلة حمراء إلى قائمة طويلة من الحجريات التي يتجلى فيها الشاعر ويهيم عشقا في حروف الحجر، باحثا عن النقاء وصفاء الذهن. الديوان في مجمله عبارة عن همسات دافقة للحياة ومحاولة للبحث عن الذات في عالم يموج بالمتناقضات والدروب الشائكة ولكنها دروب ملئيه بالورد والأشواك في وقت واحد ، وكأنها تمثل ذلك التباين الجميل بين زملائه الشعراء والأدباء في المعرض الذين التقيناه بينهم وهو يهيم عشقا للحرف والشعر وكل الأشياء الجميلة مثل إبراهيم الجريفاني والروائي اللبناني علي سرور والإعلامية بثينة النصر والإعلامية كوثر البشراوي وغيرهم.