يوضح المفكر الإسلامي الدكتور زين العابدين الركابي أنه ينبغي طرق موضوع المؤامرة من الزاوية المنهجية قبل أي شيء آخر، ولا سيما منهج التفكير بوجه خاص. وقال: في قضية المؤامرة: أخطأ طرفان: متناقضان في التفكير وفي طرائق الاستنتاج بالتالي. الطرف الأول هو الذي يغلو في المؤامرة غلوا فاحشا أو أسطوريا، وهو غلو حمل أصحابه على أن يفسروا التاريخ والواقع والمستقبل وفن نظرية المؤامرة، بمعنى أن وراء كل حدث أو وقعة، تخلف أو مصيبة تصيب المسلمين، وراء ذلك بالضرورة أصابع الاستخبارات الأمريكية أو الحركة الصهيونية، معتبرا أن هذا خلل جسيم في طريقة التفكير ينطوي على خطايا ثلاث مركبة: فالخطيئة الأولى: الجموح إلى التفسير الخرافي للأحداث والتاريخ وسائر الحركة البشرية، هو تفسير يجعل أصحابه دوما يتعاملون مع الأوهام لا مع الحقائق، أما الخطيئة الثانية: فهي عقدية، فهؤلاء يزعمون بوعي أو بغير وعي أن الكون كلمة نذيرة الحركة الصهيونية مثلا. ورأى الركابي أن هذا الاعتقاد شرك أكبر بلا ريب، ذلك أن الإيمان الحق يجزم بأن الله وحده الفعال لما يريد، وأنه هو الذي يدبر الكون: لا الحركة الصهيونية ولا الاستخبارات الأمريكية، ولا الماسونية السرية. أما الخطيئة الثالثة فهي: دعوة الأمة إلى الاستسلام المطلق والخنوع الكامل، مضيفا «ما دامت الصهيونية بهذه القوة وهذا النفوذ فلا يمكن مقاومة مخططاتها إذن» ويسترسل الدكتور الركابي في بيان أصناف الناس من حيث اعتقادهم بنظرية المؤامرة، قائلا: الطرف الثاني هو الذي يتعجل بنفي المؤامرة بإطلاق على حين أن النفي بإطلاق لا تفسده حجة عقلية، ولا معلومة موثقة ولا تؤيده وقائع التاريخ، ولا حقائق الواقع الراهن. وأضاف «في الوثائق التي تكشف وفي مذكرات القادة السياسيين وفي التاريخ السياسي بوجه عام ما يثبت هذه التدبيرات الخفية، أو الاستراتيجيات السرية». وزاد «ثم بالتحقيق في مفردة مؤامرة تبين أنها مشتقة من الفعل الثلاثي أمر كما هو معلوم في اللغة العربية».. وبين المفكر الإسلامي أن هذا الاشتقاق يعني أن جمعا من الناس قد اجتمعوا في مكان معين، وتآمروا على كذا أي تواصوا به أو أمر بعضهم بعضا بكذا. وخلص إلى القول: من ناحية شخصية فإني أنزع إلى تغيير وضبط الكلام في المؤامرة، أولا: لكي يعصم تفكير الشباب من النظرات الوهمية إلى عالمنا وعصرنا، ولئلا يقع في الشرك بالله من خلال تهويل قوة ما منافسة لله تعالى في ملكوته، وحتى يثق الشباب بنفوسهم: في العلم والعمل: ابتغاء أن يتفوقوا كما تفوق الآخرون: يفعل ذلك بلا عقم ولا وسوسة وبلا انتقاص من قوة الذات.