طفق المتقاعد الستيني عبيد سعيد الهذلي يتأكد من اجتماع شمل أصدقاءه من المتقاعدين وكبار السن بجوار محل تجاري متواضع في حي جرول التاريخي، بعد أن انفض مجلسهم منتصف شهر ذي القعدة الماضي قسرا بأسباب تأجير صاحبهم محله التجاري لباعة وافدين يتاجرون في هدايا الحجاج والخردوات. فيما أعاد صديقه صاحب المحل التجاري نصب مركاز الجلسات وتهيئة أدوات القهوة والشاي. أكثر من 40 يوما هي فترة انقطاع رفاق الهذلي عن جلسات الضحى والمساء التي يسترجعون فيها ذكريات الماضي الجميل ويستعرضون أسماء أصحاب لهم أضحوا اليوم تحت الثرى معددين الحكايات والقصص والمواقف التي لا زالت عالقة في ذاكرتهم ولم تفلح الحياة الجديدة بمتغيراتها وصخبها أن تطمس ملامحها. جلسات كبار السن على قارعة المحلات التجارية بدأت ملامحها تتضح مع بدء استلامها من الباعة الذين جمعوا بقايا بضاعتهم بعد خروجهم من موسم الحج. وتظل الأحياء التي تحتضن مساكن الحجاج بكثافة قرب المنطقة المركزية الأكثر استفادة من تأجير محلاتهم في الحج، فيما تبقى أحياء التيسير والقبة وجرول والقشلة والمنصور والمسفلة أكثر الأحياء المكية التي تعيش ظاهرة تأجير المحلات مؤقتا في مواسم الحج. صالح العتيبي متقاعد وصاحب سيارة أجرة ذكر أنه خلال 30 عاما ارتبطت علاقته بجلسات أصدقاء العمر بجوار ورشة للسيارات في مكةالمكرمة، معتبرا أن جلساتهم أشبه بوجبة يومية لا يستطيع الاستغناء عنها إذ إنها تبعث في نفسه الراحة وتقضي فراغ الوقت، واعتاد قضاء أربع ساعات يومية في الصباح والمساء معهم. حسين الحربي وقاسم أهدل أوضحا أن موسم الحج يظل فرصة لتوفير أجور تأجير المحلات بنسبة تصل إلى 20 في المائة فيما تزيد قيمة الإيجار عن 40 ألف ريال، إذ إن الأسواق القريبة من المنطقة المركزية في الحج تتفرغ عادة من المتسوقين من أهل مكةالمكرمة، وتتحول إلى بازارات تجارية للحجاج تعمل لأكثر من 20 ساعة في اليوم. وإذا كان هذا واقع أصحاب المحلات التجارية في الحج فإن ثمة علاقة حميمية تقطر بالتعارف والصداقة بين أصحاب الشقق والدور والعمائر الذين يقومون بتأجير منازلهم للحجاج الخليجيين ولا أدل من ذلك أن سعد الهذلي كون علاقة أخوية مع كويتيين لأكثر من 17 عاما بسبب تأجيره شقته السكنية عليهم بل إن الأمر تجاوز ذلك كله ليصل إلى إصرار أصدقاء الهذلي الكويتيين زيارته سنويا رغم أنه لم يعد يعرض منزله للتأجير.