مضى عامنا الهجري 1431ه بسرعة البرق إذا ما قسنا مدته بإحساسنا الداخلي في هذه اللحظة، وسيبدأ عام آخر ما أطوله إذا قسناه بعامل الزمن (مدته)، وشتان بين عامل الإحساس البشري وعامل الزمن، فالأول يفضي إلى نوع من المحاسبة الذاتية عقائديا ومهنيا عما تم إنجازه في العام الماضي قياسا إلى الإيجابيات والسلبيات، والثاني يفضي إلى التفكير في المستقبل وما خطط له، إنه صراع سنوي داخلي في نفس الإنسان بين الماضي والحاضر. وبنفس هذه النظرة يمكن القول أيضا عن الشأن العام، وعن الشأن الخاص في قطاع الأعمال والتجارة، وعن الشأن المدني في المؤسسات المدنية للمجتمع، بهذا المنطق تودع الشعوب المستنيرة عامها السابق أو المنتهي، وتستقبل عامها الجديد بكل حيوية ونشاط وأمل، إنه الإحساس بالمسؤولية المهنية تجاه كافة شرائح المجتمع، والإحساس بالمسؤولية تجاه الزمن الذي يمثل قيمة تنموية باهضة الثمن لأفراد المجتمع وحقا من حقوقها، وبالتالي فلا مكان لدى هذه الشعوب المستنيرة لمصوغات التسويف والتأجيل والتعطيل والمماطلة لأي مصلحة من مصالح أفرادها، ولهذا السبب أيضا، أي الشعور بالمسؤولية المهنية، تميزت هذه الشعوب بالفكر الإداري الواضح والممنهج على أسس معيارية تحاكي الحاضر والمستقبل قياسا بالزمن، وتكتب التاريخ لإنجازاتها من خلال السنوات المنتهية بأساليب تخلد وتمجد أعمالها الإيجابية، وعلى هذا الأساس يرى الكثير من الكتاب والمفكرين أن مجرد التفكير بدخول العام الجديد إنما ذلك يعني الاستشعار بالمسؤولية المهنية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، إنه إحساس عظيم لمن يفهم معنى ودلالات انقضاء عام وحلول عام آخر. وعملا بما تقدم علينا نحن معشر الكتاب أن نستشعر هذه المسؤولية في عامنا الجديد لأنها تمثل أمانة القلم، ونكتب للوطن وللضعيف وللفقير، وللمتعلم والأمي والمريض، علينا أن نكتب لكل شرائح المجتمع ومناحي التنمية المستدامة بكل تجرد وأمانة، وأن لا نكتب لأنفسنا بشكل أو بآخر، بل نترك لعامنا الجديد والأعوام التي تليه أن تؤرخ لأعمالنا كما فعلت الأعوام السابقة. أختم مقالي المتواضع هذا بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يبدأ عامنا الهجري هذا بعودة قائد مسيرتنا الملك الصالح، وملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين سالما معافى من كل سوء، ليقود مسيرة التقدم والتنمية إلى مصاف العالمية، وينثر بفكره وبرامجه وطروحاته الخير والبركة والمحبة على هذا الشعب الكريم كما في الأعوام السابقة، أعوام العطاء والنماء والتقدم، إنه سميع مجيب. وكل عام وأنتم بخير [email protected]