طالعتنا صحيفة عكاظ في عددها رقم 16162 وتاريخ 20/12/1431ه، بموضوع تحت عنوان «10 مليارات حبيسة خزائن بيوت المال في المحاكم»، وقد تم أخذ رأي خمسة متخصصين، أدلى كل منهم بدلوه حول هذا الموضوع، وبينوا رأيهم حول مصير هذه الأموال التي لا حافظ لها كأموال القصر والمعتوهين الذين لا ولي لهم، والغائبين الذين لا وكيل لهم، والأموال المجهولة التي لا يعرف أصحابها، والأموال المتنازع عليها، وما يتوجب على القائمين عليها تجاهها. ولي على هذه الآراء بعض الملاحظات التي يمكن إجمالها فيما يلي: في البداية رأى الشيخ الدكتور عبدالله المطلق عدم وجود مانع في استثمارها شريطة أن يكون في أوعية يغلب عليها الربح، وهنا نجده قد اشترط شرطا لا يستطيع أحد أن يضمنه، إذ من يضمن استمرار الربح. أما أستاذ الاقتصاد المالي في جامعة الأمير سلطان فرأى تشغيلها بطريقة آمنة وسهلة التسييل، معتبرا أن الأسهم أفضل طريقة تمثل استثمارا آمنا، ونقول له إن الأسهم ليست مضمونة عدم الخسارة فهي مثل غيرها، بل تزيد أنها ليست مضمونة النقاوة، حيث أنها تفقد أعظم شرط للفرق بين البيع والربا ألا وهو أن طريقة الأسهم هي كتابة ورق في ورق، فالبضاعة ليست بينهم تتم رؤيتها وتقبض، مع عدم سهولة التأكد من نقاوة أموال المؤسسة صاحبة الأسهم. بينما اشترط عضو جمعية الاقتصاد السعودي عصام خليفة شروطا كثيرة وذكر ضمن كلامه أن استثمار الأموال المجمدة لدى بيوت المال تسهم في دعم التنمية الاقتصادية بدلا من بقائها مجمدة حبيسة الخزائن فتفقد قيمتها السوقية مع مرور الزمن، ونقول له إن هذا ليس تعليلا كافيا، لأن دعم التنمية الاقتصادية لا يتم عبر المخاطرة بأموال الناس، التي لم تضمنها أنت ولا يملك ضمانها من وضعت لديه كوديعة. وفضل المستشار الاقتصادي محمد القرني استثمار الأموال في العقار وخصوصا في مكةالمكرمة للأجر والإسهام في تنمية البلد الحرام، ونقول له ما قلناه لمن قبله من ناحية عدم الضمان. أما المحامي والمستشار القانوني ماجد قاروب فكان تشديده على ضرورة خضوع بيوت المال لتطوير شامل ضمن مشروع تطوير القضاء، إلا أنه لم يبين لنا أكثر، فتطوير القضاء لا تدخل فيه المخاطرة بأموال الغير والمضاربة بها وهي أمانات في بيوت المال، إذ قد تضيع على أهلها إما بالاختلاس أو بالخسارة فمن يضمنها. ومن هذه الحيثيات نخرج بأن ترك الأمانات في بيوت المال في المحاكم دون تحريك أضمن لها من الخسارة أو التلاعب فيها وأكلها، والمثل يقول: احفظ للناس ولا تصلح لهم، أما الخوف من نقصانها بالزكاة كل سنة، فالمال الذي لم يستلمه صاحبه ولم يتمكن من ادخاره والاستفادة منه لا يعتبر صاحبه كانزا له، فلعل الله السميع العليم يغفر له عدم تزكيته السنوات الماضية لأنه محجوز عنه فلا يملكه ولا يملك التصرف فيه. إبراهيم العلي الملاح