المشهد الذي لا ينبغي أن يتغيب عن عيوننا وعقولنا وقلوبنا هو مشهد التوحيد.. توحيد الله عز وجل بألا يكون في عبادته شريك ولا مثيل ولا شبيه.. هذا المشهد (يشهد بانفراد الرب تبارك وتعالى بالخلق والحكم وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا تتحرك ذرة إلا بإذنه.. وأن أصح القلوب وأسلمها وأقومها وأرقها وأصفاها وأشدها وألينها من اتخذه وحده إلها ومعبودا، فكان أحب إليه من كل ما سواه وأخوف عنده من كل ما سواه وأرجى له من كل ما سواه)، تلك الكلمات التي تلألأت في فكر بن القيم رحمه الله جعلتني أتأمل في مشهد التوحيد، وأتساءل: أين هو عن بصائرنا بل عن أبصارنا؟، منذ أيام ودعنا أزمنة عجيبة في قوتها حملت لنا هذا المشهد.. إن أيام الحج يتجلى مشهد التوحيد فيها فيبكي العيون ويحرك القلوب التي أقعدتها الغفلة.. ملايين المسلمين على اختلاف أجناسهم وطبقاتهم وأعمارهم وألوانهم هم واحد في ملبسهم ومطلبهم وتلبيتهم لواحد أحد الله جل في علاه. تساءلت كثيرا حتى نكأ تساؤلي هما وغما.. ماذا لو اتحدت الأمة الإسلامية في صفها وهدفها وآليتها، فكانت بقوة هذا المشهد. والله إنها للقوة التي ترهب الأعداء، ماذا لو تمثلنا حقيقة هذا المشهد في معاملاتنا وعباداتنا وكان الله هو الأول فيهما وكانت جميع محابنا تبعا لما يحب وجميع المخوفات تنساق لخوفه ويكون كل رجاء تبعا لرجائه.أما تأخذنا هذه الوحدة إلى حال أمتنا وجراح كل عضو منها ينزف بلا نظر واعتبار للعضو المجاور؟. لقد سئمنا الخطب والتقارير والأشعار تتفنن في رسم الجراح وللأسف لم يواكبها إلا فن النقد.. دعونا نسلط الأضواء والمقاصد على مشهد التوحيد ونجدد توحيدنا وإيماننا عل في التجديد ينتفض الغبار الذي غشي ما ينبغي أن نكون عليه.. مشهد التوحيد وما يقتضيه من أسماء وصفات وربوبية وألوهية لله ينبغي أن نحققه في ذواتنا ومن ثم يتحقق مشهد التوحيد للأمة. [email protected]