في أحدث التقارير الاقتصادية الصادرة عن الراجحي كابيتال، يتحدث التقرير بصورة مفصلة نوجزها بما يتعلق بالاقتصاد السعودي الذي حقق خلال النصف الأول من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، نموا حقيقيا تمثل في نمو الناتج المحلي بنسبة 24.1 في المائة، حيث ساهم القطاع النفطي في ذلك النمو بنسبة 44 في المائة وأدت زيادة أسعار النفط إلى تعزيز ذلك النمو. وارتفع النمو في القطاع غير النفطي بنسبة 5.5 في المائة تقريبا. وتتمثل الإشكالية في قراءة نسب النمو على الوجه الأمثل في التقرير في ما تم رصده من بطء ملحوظ في نمو القطاع الخاص حيث نما بنسبة 6.2 في المائة فقط. هذه الإشكالية تتمثل في إيقاف إيقاع التفاؤل لأداء الاقتصاد السعودي، حيث تسهم بعض العوامل في تهديد ذلك النمو، والذي لا تظهر آثاره بصورة مبكرة بل إنها تأخذ بعدا زمنيا ليس قصيرا حتى تتمكن من وأد ذلك النمو إن لم يتم التعامل مع تلك العوامل بصورة فعالة وبعيدا عن الصورة النمطية في العلاج. إن هذه العوامل التي نراها بالعين المجردة تتطلب بالفعل جهودا قوية تتصف أيضا بالسرعة والكفاءة التي تستحقها من أجل إيقاف خطرها على الاقتصاد الكلي والجزئي، والتي ستكون عائقا حقيقيا لاستمرار النمو والاستفادة من المعطيات الإيجابية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة. ويضرب عاملا التضخم والبطالة بصورة مؤثرة وملحوظة في النمو المحقق، وهذا ما تواجهه أيضا الاقتصادات العالمية، فمؤشرات البطالة في أمريكا واليابان لا تزال تشكل تهديدا حقيقيا للجهود المبذولة، فأمريكا عملت كل شيء حتى أصبحت «بهلوانا» يتحرك من أجل الحفاظ على رتم الأداء الاقتصادي، وأشعلت حروب أسعار العملات وزادت ديونها من خلال طرح المزيد من السندات، وطبعت ما يقارب الستمائة مليار دولار دون تغطية من أجل ضخها في الاقتصاد الأمريكي، ولكنها في المقابل لم تستطع مواجهة التضخم من جراء الصادرات المرتفعة مقابل الدولار المنخفض ولم تحقق عملية تصدير صناعاتها الفائدة الكلية المرجوة كون تلك الصادرات تدخل فيها عناصر أولية مستوردة تتمثل غالبا في المشتقات البترولية. وهذه الأوضاع أدت بصورة أو بأخرى من الحد من معالجة الركود الاقتصادي بالشكل الذي يحقق انتعاشا ويوفر المزيد من الوظائف، فأرقام البطالة لا تزال تسجل مستويات متزايدة من طلبات الإعانة. كذلك الحال في اليابان فالانكماش التضخمي لا يزال يطارد الاقتصاد الياباني، رغم كل محاولات البنك المركزي الياباني والحكومة اليابانية لإعادة الأسعار إلى الارتفاع إلا أنها تأبى ذلك وتظل للشهر العشرين على التوالي تظهر قيمة سلبية. ويتزامن هذا مع مشكلة انخفاض الطلب العالمي وارتفاع قيمة العملة المحلية الين بشكل أدى إلى انخفاض الصادرات اليابانية بشكل كبير بعدما تعرضت لمنافسة كبيرة من السلع والبضائع العالمية عامة والصينية على وجه الخصوص بسبب سياسة تثبيت أسعار العملة التي تتبعها الصين و التي تفديها كثيراً في دعم صادراتها. [email protected]