يتوقع أن تتأثر الواردات الخليجية من اليابان على نحو طفيف وموقت، بينما يرجح أن تستفيد من ارتفاع الطلب الياباني على الغاز والنفط، لاستخدامهما في توليد الكهرباء بديلاً من الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما. هذا ما خلص إليه تحليل ل «بنك الكويت الوطني» عن تداعيات الكارثة التي أصابت اليابان بعد الزلزال والتسونامي، على دول الخليج وتأثيرها في الطلب على النفط وأسعاره وبرامج الطاقة النووية وخطوط التصنيع والإنتاج، والين الياباني. وأشار إلى أن «الخسارة الكبرى كانت في الأرواح، أما الخسارة الإجمالية وتداعيات هذه المأساة التي عصفت بثالث أكبر اقتصاد في العالم لا تزال قيد التقويم». وأضاف: «اليابان أحد أكبر الشركاء التجاريين لدول الخليج»، سائلاً: «ما التأثير الذي سيترتب نتيجة ذلك على ميزان التجارة بينهما؟». وأفاد بأن «صندوق النقد الدولي يشير إلى أن خمس دول خليجية من أصل ست كانت ضمن الدول ال 15 التي تتصدر قائمة المصدّرين إلى اليابان (كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول). وبحسب منظمة «أونكتاد»، فإن 17 في المئة من صادرات دول الخليج تذهب إلى اليابان، أي بما يشكل 10 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي. وتتصدر الإمارات الدول الخليجية من حيث حجم الصادرات إلى اليابان، إذ تمثل 36 في المئة من الإجمالي، تليها السعودية ب 30 في المئة. لكن اليابان تستحوذ على 40 في المئة من الصادرات القطرية، أي 15 في المئة من الناتج، ما يجعل قطر الدولة الأكثر اعتماداً بين دول الخليج على هذه الصادرات». وأضاف «الوطني»: «الزلزال ألحق أضراراً جسيمة ببعض محطات الطاقة النووية في اليابان. وفضلاً عن المخاوف المتعلقة بالتلوث الإشعاعي، يسود قلق في شأن تأثير ذلك على تزود البلاد بالطاقة النووية»، مشيراً إلى أن «أزمة النفط التي حدثت في سبعينات القرن الماضي، كانت لها ترددات هائلة على الاقتصاد الياباني. وبحسب معهد الطاقة التطبيقية، كان النفط يشكل 80 في المئة من إجمالي الطاقة التي كانت اليابان تتزود بها آنذاك». وتابع: «منذ ذلك الحين، اعتمدت اليابان على تطوير الطاقة النووية كأولوية في سياساتها لضمان أمن الطاقة، ونجحت في خفض اعتمادها على النفط في استهلاكها للطاقة إلى 47 في المئة في عام 2006. وعلى مر السنين، كانت الواردات اليابانية من النفط في تناقص. وتراجع مجموع الصادرات العالمية من النفط إلى اليابان بنسبة 25 في المئة بين عامي 1995 و2009. وخلال الفترة ذاتها، انخفضت الصادرات النفطية من دول الخليج إلى اليابان بنسبة ملحوظة بلغت 19 في المئة». ورأى «الوطني» أن «التراجع المحتمل في الطاقة النووية سيفتح المجال أمام الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، ومنها النفط والغاز. وفي المدى المتوسط، قد يزيد ذلك الطلب على النفط والغاز ويضغط على الأسعار للارتفاع. لكن رد الفعل الأولي على الزلزال أدّى الى تراجع أسعار النفط، إذ تصاعدت المخاوف من تباطؤ النشاط الاقتصادي وتوقفه، إضافة إلى الاستعاضة بالغاز عن بعض الطاقة المفقودة، علماً أن الغاز متوافر في شكل كبير». وأشار إلى أن «دول الخليج ستستفيد ليس فقط من ارتفاع (محتمل) لأسعار النفط، بل أيضاً من الزيادة في الطلب الفعلي على هذه السلعة. وبحسب مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية، فإن النفط والغاز، تاريخياً، شكلا 99 في المئة من مجموع صادرات دول الخليج إلى اليابان التي استوردت في عام 2009 ما قيمته 92 بليون دولار من النفط، 72 في المئة منها من دول الخليج»، مشيراً إلى أن «كل ارتفاع بنسبة واحد في المئة في الطلب الياباني على النفط، تكسب الصادرات النفطية الخليجية نحو بليون دولار سنوياً، أي ما يشكل 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة». وتطرق تحليل «الوطني» الى الواردات الخليجية من اليابان، ملاحظاً أنها «ساهمت ب 7 في المئة من الواردات الخليجية في عام 2009. وكانت الإمارات الشريك الخليجي الأكبر في التعاملات التجارية باستيرادها نحو 36 في المئة من المجموع. وعلى رغم ذلك، لا تتعدى هذه الواردات 5 في المئة من الواردات الإماراتية من العالم. وفي المقابل، تعتبر عُمان الدولة الأكثر اعتماداً خليجياً على السلع اليابانية التي تشكل 12 في المئة من مجموع وارداتها». وتابع: «أما بالنسبة الى التعاملات التجارية اليابانية مع العالم، فاستحوذت الصادرات اليابانية في عام 2009 على حصة 5 في المئة من الصادرات العالمية. وفيما تقدّر مصادر مختلفة أن المناطق التي تعرضت للزلزال تسهم بما نسبته 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لليابان، إلا أن التأثير الكامل للزلزال على قدرة اليابان التصنيعية والإنتاجية بعد هذه الكارثة لم يتم تقويمه بعد، على رغم الإعلان عن بعض الاضطرابات في الإنتاج في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في قطاعي السيارات والإلكترونيات. فاليابان تنتج أيضاً قطعاً تستخدم في الإنتاج في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا والولايات المتحدة والصين، ما قد يسبب تعطيلاً في سير العمل أو ارتفاعاً في الأسعار، أو الأمرين معاً». وأشار «الوطني» إلى أن «السلع المصنعة تشكل 84 في المئة من مجموع واردات دول الخليج من اليابان. وفي الواقع، فإن 47 في المئة من هذه الواردات تصنّف «مركبات أرضية». وإذا توقفت خطوط التصنيع وسلاسل التزويد لوقت ما، فإن السلع اليابانية قد تتعرض لبعض الضغوط، لا سيما أن معظم ما يستورد منها ليس سلعاً أساسية والبدائل عنها متوافرة». وفي ما يتعلق بقيمة الين، لاحظ «الوطني» أن «الزلزال تلاه استرجاع أصول من الخارج لتمويل إعادة البناء أو لاستبدال أصول تبددت، ما أدى إلى رفع سعر صرف العملة اليابانية. وأضاف: «بدأ التدخل الياباني - الأوروبي في 18 آذار (مارس)، ومنذ ذلك التاريخ، تراجع الين بنسبة 3 في المئة في مقابل الدولار. لكن حتى الآن، كان التأثير ضئيلاً جداً، ولا يزال سعر صرف الين أعلى من متوسطه لعام 2010 (دولار أميركي = 88 يناً). ومتى زال تأثير استعادة الأصول من الخارج، تتوقع الأسواق أن يتراجع الين أكثر، وإذا استمر ذلك التراجع المحتمل، فإنه سيجعل السلع اليابانية أرخص في الخارج». وأضاف: «من ناحية أخرى، يجب ألا تتأثر صادرات دول الخليج بانخفاض قيمة الين، إذ أنها في معظمها سلع طاقة أساسية»، مشيراً إلى أن «ارتفاع أسعار النفط واحتمال توقف التصنيع فاقم الأخطار التصاعدية للتضخم في العالم».