في لفتة إنسانية جسد حمدي الأهدل «سائق صهريج مياه»، أروع صور الإيثار رغم ظروفه المادية الصعبة واستمر على مدى 30 عاما يساهم في خدمة ضيوف الرحمن، حيث يقدم لهم الماء البارد ليوم كامل في كل عام دون أن يتأخر عن مبادرته الإنسانية التي تمسك بها رغم تقدمه في السن وعززها في نفوس أبنائه. حمدي الأهدل البالغ من العمر 68 عاما قدم مع والده من قرية «باجل» شمالي اليمن وهو لم يتجاوز 12 من عمره، عمل وتزوج ورزق 19 من الأبناء ولا يزال يقيم في مكة منذ أكثر من 56 عاما وطوال إقامته في مكة واجه ظروفا مادية صعبة عاش تفاصيلها أبناؤه، فقررت ابنته التي حصلت على الجنسية السعودية أن تساعد أباها فاشترت له «صهريجا» لبيع المياه في مكة وعمل الأهدل سائقا براتب 2200 ريال يقتطعه من الدخل الشهري الذي يجنيه والباقي يذهب لابنته مالكة «الصهريج»، لكنه وخلال هذه الفترة اتفق وابنته على القيام بعمل خيري فلم يجد أنبل وأشرف من خدمة ضيوف الرحمن. ابنته بادرته بالسؤال وماذا عسانا أن نفعل في ظل الظروف التي نعيشها من ضيق العيش وقصر اليد، فأخبرها الأب أنه يخطط لوقف الوايت معبأ بمياه الشرب الباردة يوما في العام لحجاج بيت الله الحرام على صعيد المشاعر فاستحسن أفراد الأسرة الفكرة لكن واجهتهم صعوبة في تأمين قيمة 65 قالب ثلج وقيمة تسعة أطنان من الماء عطفا على تركيب 12 شيبا في الصهريج، لكنهم تجاوزوا هذا التحدي بالصبر والإصرار على تنفيذ هذا المشروع الذي اعتبره الأهدل مشروعهم الذي ساهم في ضيافة حجاج بيت الله الحرام، فما لبث أن بدأ مشروعه الخيري في عام 1401ه واستمر حتى موسم الحج هذا العام دون انقطاع يصطحب أسرته معه لتساعد الحجاج في تعبئة ما يريدون من الماء ومتابعة توزيع الماء بشكل يضمن الاستفادة منه بصورة كبيرة. حمدي الأهدل قال «أشرف على عمل خيري بسيط في نظر الكثيرين، لكنه في نظري مشروع مبارك استفاد منه كثير من الحجاج ما دفعني إلى الحرص عليه وتفعيله عاما بعد آخر». وأضاف «أشعر بسعادة كبيرة وأنا أساهم مساهمة بسيطة في خدمة ضيوف الرحمن وانعكس هذا المشروع بأن عزز في نفوس أبنائي العمل الخيري، حيث يشاركونني مساعدة الحجاج واقتصاري على هذا المشروع لعجزي عن مشروع أكبر ويشمل شريحة من الحجاج على الرغم من أن الماء البارد نعمة كبيرة وألمس الامتنان في نفوس الحجاج».