ربما يستوحى من عنوان المقال بأن هناك شياطين إلهام، تكمن خفية عند بعض الشعراء الفحول في الأدب العربي في زمننا الحاضر.. وأقول ليس هناك شيء من هذا القبيل، فكل ما يتواجد لديهم هو الموهبة الفذة التي قادت إلى الإلهام، عند هذا أو ذاك الشاعر المترنم بجمال أشعاره، فالموهبة صقلت بالمران والتعب والتمرس في بحور الشعر والعروض والقوافي، فكان نتاج الشاعر هو التفرس في عالم الشعر فكان فارسا من فرسان القصيدة. تلكم القصيدة التي حينما يلقيها يتخيل السامع بأن لديه رديفا أي «جني» يوحي إليه فتتداعى مفردات القصيدة لغة جزلة بفعل القرين. بينما هي لم تأت إلا نتاج معاناة موهبة أذكت مناشط الإلهام لتمتص بدورها بلاغة القول وتفرزه لنا بعذوبة البيان، مثلما تمتص النحلة رحيق الزهور وتفرزه بدورها لنا عسلا شهي المذاق، لذلك كان الشاعر مفعما بنشوة طاغية استبدت بحماسة القول والإرسال والتجلي بحسن الإلهام، آخذا بدورها بمجامع قلوب سامعيه الذين ينصتون إليه وهم في تفاعل مماثل مابين الملقي والمتلقي لحسن السبك والجمال الأخاذ للقصيدة.. هذا هو ماكان في حاضرنا وزمننا الراهن في عالم الشعر الزاهي بشعرائه الفحول!!. أما ما كان في عهد الأزمنة الغابرة والأمكنة الماحقة، عما قيل وهو القول المزعوم عن تواجد «شياطين الإلهام» فدعونا نستطلع شيئا عن ذلك اللاشيء. وإن كان يكمن في بعضه شيء من الطرافة .. الأدب الجاهلي أنموذجا !!. ففي كتاب «قضايا أدبية» لمؤلفه الدكتور الأديب عبد العزيز بن محمد الفيصل، أستاذ الأدب في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، يشير المبحث الثاني، مناهج شروح دواوين الشعر الجاهلي، القصص التاريخية، القصة الخيالية.. ص(234) بأن قصة التوابع والزوابع، لابن شهيد، وهو أحمد بن عبد الملك بن أحمد بن شهيد، وكنيته أبو عامر، من قبيلة أشجع من قيس عيلان، والمولود في قرطبة، وتوفي فيها سنة (426ه) وعمره أربع وأربعون سنة، فابن شهيد، يقول عن التوابع والزوابع، قصة أدبية خالية، أنشأها ابن شهيد معتمدا على توابع الشعراء والكتاب وعلى الزوابع في مطارحة الشعر ونقده، والتوابع جمع تابع أو تابعة وهو الجني أو الجنية يتبعان الإنسان والموهوب فيوحيان إليه ما رغب فيه من شعر ونثر، والزوابع جمع زوبعة والزوبعة الشيطان أو الجني.. وهناك أمثلة كثيرة مثل قصيدة ابن شهيد، حينما اعتراه شيء من ملل قبل موت الحبيب فتقدم وشرع في رثاء من كان يهواه، ولما وضع بعض الأبيات ارتج عليه حاله فلم يستطع المتابعة، وفي تلك اللحظة برز له جني اسمه زهير بن نمير فأسعفه ببقية القصيدة ولقنه أبياتا ينشدها عندما يحتاج ابن شهيد إلى تابعه زهير بن نمير.. وبعد توقفه هذا أصبح ابن شهيد ينشد تلك الأبيات كلما احتاج إلى حضور تابعه فيحضر ويوحي إليه بما يريد من الشعر!. للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة