أول القول فيما يخص رواية «شارع العطايف»، أنها واحدة من أحسن الروايات العربية الصادرة في السنوات الأخيرة و هي تقدم اسم صاحبها «عبد الله بن بخيت» بصورة رائعة كروائي سعودي يمكن له قول الكثير، وصحيح أنها مليئة هي الأخرى بالجنس والجثث إلا أنها نجحت بمهارة روائية محسوبة وذات اعتبار في تبرير كافة الدروب التي سلكتها ويظل الفصل الثاني من الرواية تحديدا والخاص بحكاية «شنغافة» أكثر الفصول الثلاثة حرفية وعمقا وتماسكا، ولو كان لي أن أهمس في أذن الروائي المبدع «عبد الله بن بخيت» لنصحته منح كل فصل من هذه الفصول اسم بطله عوضا عن الاكتفاء بالترتيب الرقمي للفصول تحكي الرواية عن حلة ابن بخيت منتقية ثلاث شخصيات رئيسة «فحيج»، «شنغافة»، و«سعندي» ولأسباب أظنها قانونية أكثر من كونها رقابية؛ لكنها غير مبررة أيضا يتم ترميز الأماكن والشوارع بشكل مضحك فنيا لشدة سذاجة الترميز، فالرياض هي «الرويض» و والحسا هي «الحسيوي» والدمام «الديمان» والملز «المستلز» أما البحرين فهي «جزيرة اللؤلؤ» كما يمكن لك بسهولة معرفة المقصود من «نادي الشمس» و«نادي الفوز»، تذويب الأسماء في حروفها و دلالاتها كان أقل ما في الرواية جدارة بالتقدير و هل الرواية شيء آخر سوى المكان، وهل فعلت بنا أعظم الروايات شيئا أكثر من زيارة أماكنها كلما حللنا في بلد حظيت أماكنه بعمل روائي حقيقي، بالرغم من ذلك فإن في «شارع العطايف» الكثير من الفنيات العالية التي تجعل من التسامح مع هذه الخوف غير المبرر حق وبداياتها على أن تصل للحظة الفراق الأخير، تاركة الدنيا بما فيها وبمن فيها تلك الدنيا التي لا تبدو بالنسبة لأبطال الرواية الثلاثة أنها تستحق تحية وداع حارة وحميمة عمل فخم ورواية تحك جلد طبقة من المجتمع بقسوة لولا سلاستها الفنية لبدت خانقة على نحو لا يمكن معه إتمام القراءة، وقد نجح «عبد الله بن بخيت» نجاحا لم ينقصه توفيق أبدا في الإبقاء على فتنة السرد ومنحها أهمية قصوى، فلم يكتف بأهمية الحدث نفسه رغم ما في الأحداث من فرقعة يمكنها خداع روائيين كبار و غوايتهم بالاتكاء عليها فقط، والعجيب أن أهمية السرد هنا حافظت على فقر اللغة و ضحالة التعابير المارة على ألسنة و شفاه الحاكية علما أن موقع الراوي يتغير من فصل إلى آخر و تظل في النفس حسرة فقد انتهت الرواية دون أن نعرف السر الذي جعل من «حسينة» تغفر للجميع مستثنية «مبارك» من هذا التسامح الرحيم! صندوق بريد: 375225 الرياض الرمز البريدي: 11335 [email protected]