في بداية عملي في حقل الإعلام، قرأت في إحدى المجلات استطلاعا صحافيا عن «مدينة عنيزة» اختزنت جزءا منه في ذاكرتي، وعندما زرتها لأول مرة وأنا مذيع ناشئ في الإذاعة السعودية في مهمة إذاعية، استعدت شيئا مما قرأت، فهي مدينة تشتهر باسم «باريس نجد» ( هكذا قال عنها الرحالة أمين الريحاني) ومحافظة ذات أهمية اكتسبتها منذ القدم، لموقعها التجاري المتوسط من منطقة القصيم، وأن «عنيزة» مدينة الريادة العلمية منذ القدم في منطقة نجد، وبرز منها عدد كبير من أهاليها في: طلب العلم، ساعدهم في ذلك ما عرف عن أهالي عنيزة بخاصة، والقصيم بعامة من: اهتمام بالتجارة، مما جعل الكثيرين منهم يتصلون بعلماء ومعلمي المناطق التي كانوا يصلون إليها في تجارتهم، وينقلون تلك العلوم، والكتب، لمن كان حولهم من: الدارسين، وطلاب العلم، ومنهم من خرج بحثا عن العلم في مناطق أخرى، من الجزيرة العربية، ومن العلماء الذين اشتهروا وهم أصلا من «عنيزة». لم تكن آنذاك «عنيزة» كما هي عليه الآن، سيدة ناضجة، تنظر إلى المستقبل، من أجل ما تشبعه من حاجات، وتحققه من منافع، وتستجيب له من ضرورات، وحين زرتها لأول مرة، لمست تنافسا بين مؤسساتها التنموية لصالح الأهالي، وبعد زيارة قصيرة الأسبوع الماضي، وجدت أن التنافس هو: بين مجموعات عمقت العمل التنموي، بلغة واحدة مشتركة، ومنهج واحد مشترك، وثقافة واحدة مشتركة، أثمرت (40) موقعا استثماريا، ومحافظة كل ما فيها يجذب. غادرت «عنيزة» متيقنا أن التنمية فيها، تتسم بالعمل الجماعي التكاملي.. الغلبة فيه ل «نحن» وليس «أنا».. في «نحن» تذوب الفردية وفي «أنا» تبدو الأنانية، وبون شاسع بين «نحن» و «أنا» وبخاصة إذا كان في القضايا المتصلة بحياة الناس، والتميز في خدمتهم، ليكون التنافس بين «نحن» وليس «أنا» هو الأجدى، والأنفع، والثقافة المشتركة، فمحافظ عنيزة (مساعد اليحي السليم) يخطط، ويدعم البلدية ويساندها، ورئيس البلدية (المهندس إبراهيم بن محمد الخليل) تؤازره المحافظة من جهة، والمجلس البلدي من جهة ثانية، أما المجلس البلدي (رئيسه المهندس عبد العزيز البسام) فأصبح عمله مؤسسيا، بمساندة المحافظ من جهة، وتعاون رئيس البلدية من جهة أخرى، وفي هذه الحالة لا تصدر عن المجموعة القيادية نغمة نشار، ولا تجد من يثير فتنة «أنا» بل يسعى كل طرف من الأطراف إلى إيجاد صيغة، تبرز التكامل، وتقضي على الأنانية الفردية. التنمية في «عنيزة» كما هي في أي محافظة سعودية: عمق، وأصالة، وتاريخ، ومسؤولية، وما رأيته فيها تكامل على صعيد العمل التنموي، ينفذ إلى أعماقه، ويؤكد أن الأولية للإنسان في «عنيزة» التي تشهد كل عام (12) مهرجانا سنويا، دفع أمير منطقة القصيم (الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز) إلى القول: «الواقع يجعلني متفائلا دائما، بأن عنيزة ستتفوق في كل عام، في مجال السياحة، لأنه أسس لها تأسيس جيد، بدأ قبل سنوات». وفاء أهل عنيزة لرموزهم، كرسوه في شارع يحمل اسم «عبد الله السليمان الحمدان» وآخر باسم «محمد الحمد الشبيلي» رحمهما الله، وفي الحفاظ على آثارها التاريخية، وبلغ وفاء أهل عنيزة قمته، في لقاء يجمع كل عام أبناءها في داخلها، مع أبنائها المقيمين خارجها، به ومنه التواصل، وما أجمل أن يتواصل الإنسان مع: الأرض، والتاريخ، والأصالة. شكرا للابن «محمد البشري» أحد شباب «عنيزة» الذي صحبني في جولة تعرفية عليها. badrkerrayem @ hotmail.com فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة