وجدت فتاة ثلاثينية يتيمة في مكةالمكرمة نفسها أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن تعيش في الشارع بعد أن طردت من الشقة المفروشة التي كانت تؤويها وشقيقتها ذات الخمسة عشر عاما أو أن تقبل عرض جارتها للإقامة معها في شقتها الصغيرة الضيقة. ظلت الشقيقتان حائرتين لوهلة، غير أن إصرار جارتهما على رد الجميل الذي تحمله لوالدتهما وضع حدا لهذه الحيرة، وبالفعل نزلت الفتاتان في منزل الجارة، وأصبحا يتقاسمان معها لقمة العيش ومطارح النوم. أما ابن صاحبة الشقة -الموظف في شركة حكومية- فواجه الموقف بنخوة الرجال وحول غرفته الضيقة للنوم فقط، رفعا لحرج اليتيمتين وعرفانا وتقديرا لمعروف والدتهما. تحكي الشقيقة الكبرى قصتها قائلة: «توفي والدي بسرطان الكبد قبل 12 عاما، وتوفيت والدتي قبل عامين، فصاحبني الحزن والألم، ودهمتني المسؤولية في وقت مبكر بوجود شقيقتي الصغيرة». خرجت الشقيقتان من منزل والدهما لعدم قدرتهما على دفع الإيجار، وسارت بهما خطواتهما إلى الجهات الخيرية، أملا في الحصول على سكن، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، وتعلل الجمعيات الخيرية بالقول «أنتما شابتان بلا محرم». وفي محاولات أخرى، اعتذرت أوقاف مكة عن إسكاننا لعدم وجود غرف شاغرة في الأربطة والمساكن الخيرية، وبعد وقت -والحديث للشقيقة الكبرى- جاء تدخل جارتنا القديمة كسحابة مطر أنقذتنا من العطش. ويبدو أن القصة لم تنته عند هذا الحد، فالشقيقان تحاصرهما معاناة أخرى، فالصغرى لم تضم بعد إلى سجل العائلة المدني، وبالتالي ليس هناك ما يثبت هويتها، تقول : «لدينا كرت عائلة والدي، ولكن اسمي ليس مدرجا فيه»، وتتدخل الكبرى قائلة: «ذروة المشكلة أن شقيقتي لا تستطيع دخول المدرسة، بعد أن رفضتها المدارس الحكومية ولجأنا إلى مدرسة خيرية».