الصدمات النفسية المفاجئة حين تصيب الإنسان تدمره، فالآلام النفسية متى كانت مباغتة وقوية هددت صاحبها وأنهكته بدنيا وعصبيا. وهناك من الصدمات النفسية ما لا يمحى أثره من النفس بيسر، ولا يحدث التخلص منه سريعا، كالتعرض للاغتصاب أو لحادثة اختطاف أو الوقوع في الخديعة أو الفقد المفاجئ لحبيب أو غيرها من الصدمات النفسية القاسية، التي تباغت الإنسان فتحرقه وتتركه مهشما، فاقدا لياقته الطبيعية للتعايش مع الحياة، وعازفا عن التفاعل معها بأية صورة. وغالبا يظل المصاب بالصدمة النفسية زمنا طويلا، إن لم يقض بقية عمره كله يعاني من تلف الأعصاب والوقوع في حالة من الذهول والاضطراب النفسي والغرق في آبار من الحزن العميقة، ما لم يجد من يعينه ويأخذ بيده للخروج من عالمه التعيس والبرء من آثار الدمار النفسي الذي أصابه، بيد أن الناس يختلفون في الاستجابة للعلاج وسرعة الشفاء من صدماتهم النفسية بحسب عوامل بيولوجية وثقافية متعددة، ولكن كلما كان الإنسان مطلعا أكثر على أساليب المعالجة النفسية التي يمكنه أن يتبعها ليغسل آثار الألم العالقة بصدره، أعانه ذلك على التخلص السريع من آلامه. ومما ينصح به في مثل هذه الحالات، الغرق في القراءة حول قضايا مشابهة لحالته، فمن كانت مصيبته بفقد حبيب ما كان متوقعا فقده، أو باكتشاف خيانة من كان لا يشك في أخلاصه، أو بالتعرض لكارثة لم تكن في حسبانه، أو غير ذلك، يجد راحة وعزاء في قراءة روايات تدور حول هذه القضايا، وبعض الكتابات النثرية أو الشعرية الأخرى، أو مشاهدة أفلام وتمثيليات وبرامج تعكس حاله وتصور معاناته، أو محادثة أشخاص آخرين يمرون بأزمات مماثلة، فشعور الإنسان أنه ليس وحيدا في ما أصابه وأن هناك من هم يعانون مثل معاناته، يخفف عنه كثيرا من أثر المصيبة، وكما نقول في عاميتنا: (من شاف مصيبة غيره هانت عليه مصيبته). وهناك أيضا الإفضاء، أو (الفضفضة)، الذي يتيح للإنسان أن يطلق مشاعره بحرية، وأن يصرح بكل ما يكنه في أعماق نفسه فيتخفف من مخزون الحزن داخلها، لكن الإفضاء لا يكون فعالا إلا متى توفر المستمع الذكي، الذي يستطيع تقبل مشاعر الآخر والاعتراف بها، فيصغي إليه متعاطفا مع آلامه، متيحا له فرصة الحديث بانسياب من غير مقاطعة أو اتهام بالمبالغة، أو تهوين من شأن ما يشتكي منه أو تبرير لوقوعه، ولأن مثل هذا المستمع لا يتوفر دائما، فإن البديل يكون القلم الذي بإمكانه أن يصغى إلى كل إملاءات المصدوم، وأن يتقبل بلا أي تعليق كل ما تفيض به نفسه وما يعتلج داخله من مشاعر العتب والخيبة والخذلان والقهر، أو الكره والغضب والنقمة، أو الخوف، أو غير ذلك مما يتولد في داخل النفس من المشاعر السلبية المتضاربة، التي حين تبقى مختزنة بين الأضلع تستحيل إلى نصال مغروسة في صفو الحياة. د فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة