بيّن الأكاديمي والمستشار الاجتماعي د. خالد المنيف أن الحياة لم تعوّدنا على اللين وما كان من أخلاقها العطف والرقة ومع لحظات الضيق وساعات الألم وأوقات الانكسار التي لا تفتأ الحياة إصابتنا بها يتباين البشر في طباعهم وأساليبهم لمواجهة هذه المواقف فتجد بعضهم يدمن الشكوى ويمتهن اللوم ويتقمص دور الضحية عند القاصي والداني ويتسول العطف من الجميع، والمفارقة العجيبة أن هؤلاء بقدر نجاحهم في كسب عطف الآخرين بقدر ما يفقدون شيئًا ليس بالقليل من احترامهم وتقديرهم! والنتيجة المتوقعة هي انفضاض الناس من حولهم وزهدهم فيهم لأن الجلوس معهم استنزاف للطاقة وهدر للوقت ومجلبة للكدر والضيق ناهيك عما يقومون به من فضح لأنفسهم وتشهير بزلاتهم وهتك لأسرارهم» وأضاف: وهناك نمط آخر قد كلّف نفسه ما لا تطيق، حمل همه وحده وبقي حبيسًا لغوائل الأيام وعاديات الليالي لا صديقًا يُشتكى له ولا صدرًا حنونًا يختبئ فيه ولا عقلًا حكيمًا ينير له ما أظلم في طريقه، وفريق ثالث يتعامل مع الأزمات بحنكة وهدوء يمارس تقنية «الإفضاء النفسي» أو «تنفيس العواطف» عند الحاجة وعند تجاوز الحزام الطبيين وهي كما قرّر علماء النفس وسيلة مثلى للتخلص من الكثير من الضغوط النفسية، وقد أطلق الدكتور كارل مننجر أحد البارزين في علم النفس عليها مصطلح «انطقها وتخلص منها» «Talk it out « وجعلها أحد أهم أدوات العلاج النفسي، وللإفضاء النفسي صور متعددة منها: اللجوء للبكاء عندما يعصف الحزن.. فالبكاء يخفف الضغط النفسي الكبير وكذلك يقوّى جهاز المناعة، ويساعد الجسم على مقاومة الأمراض المتعلقة بالضغوط النفسية ، ومن أروع طرق الفضفضة اللجوء إلى إنسان ثقة ذي حكمة ونظر وكاتم للسر تبث له الآلام والآمال والاعترافات والتطلعات والأحلام طلبًا وراء الإحساس بالمشاركة الوجدانية التي يشير لها الشعار المتحضر «قلبي معك» ، ولأن كل منا يرى الموضوع من زاوية واحدة تصبح إحدى أهم فوائد الفضفضة للثقات هي مشاركتهم لنا برؤاهم المختلفة وآرائهم المتعددة وقد فعل هذا قدوتنا وقرة أعيننا عندما اشتد عليه الأمر في الغار فأباح بسره وأفضى بهمه لأمنا خديجة اللهم صلِّ وسلم عليه وكذلك فعل مع أم سلمة رضي الله عنها في الحديبية . وأضاف :»ومن الوسائل الجيدة للتنفيس عن المشاعر كما أكدت بعض الدراسات النفسية التعبير عن المشاعر السلبية بالكتابة وهو يخفف عنا الأحمال ويزيح الكثير من الهموم، ويساعد على اندمال الجراحات النفسية ويدفع شرور مرض الاكتئاب، ويجعلنا في حالة نفسية جيدة تمكن من التعامل مع مشكلاتنا بشكل أفضل ، ومن أروع الطرق وأعظمها أثرًا وأضمنها نتيجة وأيسرها ممارسة تقنية «الإفضاء النفسي» مع العزيز العظيم فقد جاء في الحديث أن الحبيب اللهم صلِّ وسلم عليه كان إذا حزبه أمر فزع للصلاة وفيها ينطرح تحت عتبة الرحيم، يجأر إليه ويغبر جبهته على بابه شاكيًا إليه الهم وطالبًا العون وبعده سيذهب الوجوم ويتشرد الأسف وتسكن اللوعة.