عندما تنهال المصائب والأحزان على إنسان تضعف قواه البشرية ويصيبه الوهن ويعتصره الألم وقد يسترجع في كل حين مصيبته فتزداد المعاناة النفسية، لذا من الهدي النبوي الذي لابد من استحضاره واستشعاره والوقوف عنده مليا (انما الصبر عند الصدمة الأولى) والاسترجاع والحوقلة (إنا لله وانا اليه راجعون ولا حول ولاقوة الا بالله) حينها يربط الله على القلب وترديد القول المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها) فما سلك مؤمن موحد راض بقضاء الله وقدره هذا النهج الا وتحقق له الامن والطمأنينة والسكينة والرضا والتسليم بالقضاء والقدر. الأحداث التي مر بها أهلنا وأحبابنا في جدة كانت أحداثا عظيمة والخطب جلل والفقد كان كبيرا فكم من أروح أزهقت وبيوت دمرت وأحباب فقدوا وذكريات جميلة راحت أدراج الرياح عفوا بل ادراج السيول ومياه الصرف الصحي.. والقصص تتوالى عن معاناة نفسية للمتضررين وردود أفعال صاحبت الأزمة وما تلاها كان أعظم عندما انكشف لهم الواقع المرير الذي آل إليه حالهم. فالتشرد والضياع والانتقال الى حياة جديدة وأماكن لم يألفوها بلا أحباب كانوا معهم قبل أيام وإذ بهم بفقدونهم في لحظات . البدء من جديد مع الحياة يحتاج لقدر كبير من التسليم والرضا والقرب من الله تعالى، فمن تصبر صبره الله ومن جزع اوكل إلى نفسه وتاه وحرم الأجر والثواب. والأمل الكبير في أهلنا واحبابنا في جدة وفي تلك الفئة من المجتمع التي نذرت نفسها لتقديم العون والمساندة والتخفيف من معاناة الآخرين حيث يتجلى بث ثقافة التطوع في أبهى صورة ، فشباب جدة من الجنسين ضربوا أروع الأمثلة في العطاء وحب الخير والوقوف على الحدث وسرعة الاستجابة لنداء الواجب هنا تتحقق الترجمة الحقيقية لحب الوطن والاحساس بعظم المسؤولية تجاه المحتاجين في المجتمع من خلال أعمال تطوعية في وقت الأزمات. الى كل الأحبة والأهل في جدة صبرا صبرا ففرج الله قريب وفي كل محنة منحة وفي كل مصيبة أجر. رسالة حب الى كل متضرر وكل مصاب في عزيز وغالي... لاتكبت في داخلك مشاعر الحزن والأسى، ولاتندم على مافاتك فإن ما فات مات، وما وقع وكان لن يتغير وان طال بنا الحزن وتزايدت الحسرات والآهات. فكبت المشاعر السلبية يولد أمراضا عضوية ونفسية لايحمد عقباها.. لا بأس بشيء من الدموع التي تغسل الهموم وتخفف الألم فالعين تدمع والقلب يحزن ولانقول الا مايرضي ربنا .. هكذا علمنا المصطفى عليه الصلاة والسلام.