ذكريات 40 عاما في خدمة الحجاج في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة يسترجع ملامحها المطوف فاروق محمد أمين كاتب عاصر خلالها تاريخ خدمة الحجاج وما طرأ عليها من تجديد وداخل مكتب فاخر على غير عادة أسلافه من المطوفين القدامى.. يروي فاروق حديث الذكريات بقوله «أذكر أننا كنا نستقبل أفواج الحجاج من شهر رجب في كل عام إلى نهاية شعبان، حيث نقف مع الوالد على رصيف ميناء جدة لاستقبال طلائع الحجاج القادمين عن طريق البحر، وأذكر أن من أشهر تلك السفن شمس، وسعتها 700 حاج وعرب وسعتها 2000 حاج وسفينة حجاج وسعتها 1000 حاج، حيث تستغرق الرحلة من باكستان ما بين 20 إلى 25 يوما، حيث تبدأ مراسم الاستقبال بتدخل الوكيل بحمل أمتعة الحجاج وتصعيدهم الحافلات من نوع أبو عنجرية والزيتوني لنقل الحجاج إلى مكةالمكرمة في الوقت الذي يتهيأ المطوف بتجهيز مساكن الحجاج التي عادة ما يستأجرها المطوف من أهل الحارة الذين يفرغون بيوتهم لتأجيرها للحجاج». ويواصل فاروق حديثه مضيفا لعل من أول أعمال الحجاج بعد نزولهم الحارة وحفظ أمتعتهم في منزل المطوف الذي لا يخرج مكتبه عن كرويتة بسيطة أمام منزله ثم يتجه الحجاج إلى الحرم المكي لأداء الطواف، وأذكر أنه لا يسمح لأي شخص بتطويف الحجاج في المطاف للمطوفين الرسميين الذين عادة ما يلبسون الجبة المكية التي تميزهم أمام الطائفين كما يسمح لابن المطوف بمرافقة الحجاج وتطويفهم وعادة ما يلبس (المشلح)، كما أن أبناء المطوفين يقومون بحفظ أحذية الحجاج داخل كيس خاص من نوع (الدوت)، وبعد أن ينتهي الحجاج من أداء العمرة يتجهون إلى منزل المطوف، حيث يعرض عليهم الغرف وعادة ما تفرش بفراش الحنبل الشهير، أما النساء في بيت المطوف فإنهن يقمن باستقبال النساء وتجهيز الطعام الذي لا يخرج عن الرز و(الإيدام) والرز المحلي المعروف ب (برز داء). ويشير فاروق إلى ملمح مهم من ملامح تاريخ خدمات الحجاج هي السؤال؛ أي يختار الحاج المطوف بمجرد وصوله موانئ الوصول وعادة ما كان المطوفون يسافرون إلى بلاد الحجاج ويجوبون القرى والهجر للتسويق عن خدماتهم ولمدة تزيد على ستة أشهر وقد انتهت مرحلة السؤال في آخر التسعينات الهجرية وتحديدا 1398ه. وإذا كان حجاج اليوم ينعمون بالسكن في الخيام المطورة فإن حجاج الأمس كما يروي فاروق يسكنون في الخيام التي يبنيها المطوفون في عرفات ومنى ووصفها أنها من أصعب فترات الحج. وأضاف : أذكر أن يوم التاسع من ذي الحجة يتحول إلى ملاسنات ومشاجرات بسبب الخلافات التي تحدث بين المطوفين حول المواقع، مشيرا إلى أن وزارة الحج كانت توزع الأراضي على المطوفين في منى حيث يقوم أبناء المطوفين بنصب الخيام وبناء دورات المياه وهي من أصعب الأيام، حيث كانت الخيام تحمل عن طريق الشاحنات (اللواري).