لم أكن أفهم لماذا يقوم روائي عظيم مثل رشيد الضعيف بوضع عنوان «عامي» لرواية عصماء ذات شجن فصحوي مثل روايته «تصطفل ميرل ستريب»، كنت أشعر بالقهر تجاه أحد الأدباء الذين يملكون اختلافا عن غيرهم من الروائيين العرب، على الأقل بالنسبة لي كقارئة، شعرت بالحسرة على ضياع صفحات وأحرف وسهر ليال طوال بين طيات كتاب تم عنونته بلغة عامية، بعد سنوات وجدت نفسي مضطرة أن أفعل ما فعل حتى لو كان (عار علي إذا فعلت عظيم)، لأن هناك نوعا من الصرخات والألم لا يمكن عنونته بغير لهجة عصره، وليس لدينا نحن العرب أشد ألما من ألم عدم وحدتنا. أحرجتنا أوروبا بوحدتها خلال أيام معدودة، وضعتنا أمام وهمنا الوحدوي صاغري الرؤوس، كل ما نحلم به قرار يصدر في لحظة واحدة أن لاجوازات ولا حدود. ما الذي تملكه الدول العربية وتخشى عليه من الوحدة أثمن وأهم مما تملكه بعض الدول الأوروبية؟ كنا نحلم بأن يكون اتحاد الدول الخليجية بذرة أولى نحو اتحاد عربي حقيقي، وكل ما حدث هو أن جواز السفر دخل إلى بطن البطاقة الشخصية، والوقت الذي نقضيه أمام موظفي الجوازات لم يتغير إن لم يصبح أطول من ذي قبل، مع أمنياتي بوطن عربي موحد، أترككم بحفظ الله ورعايته ترددون بيت الشعر (من يتهيب صعود الجبال ..... يعش أبد الدهر بين الحفر).