إبراء للذمة، كتب الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، وزير التربية والتعليم السابق، منتصف الأسبوع الماضي في صحيفة الرياض: «إن المسؤول الأول في وزارة التربية والتعليم ومن بعده في الرتبة ليسوا هم الذين يتحملون وزر ما يرد في الكتب والمناهج من خلل علمي، أو فني أو منهجي.. لكن المسؤولين عن ذلك هم الذين أسندت إليهم مسؤوليات إدارات المناهج والتأليف، هؤلاء مؤتمنون وعليهم مخافة الله فيما أؤتمنوا عليه». حسنا، وماذا يحدث إذا اكتشف لاحقا أن المناهج التي بين أيدي الطلاب ملغمة بأفكار خطيرة مررها بعض من يشرف على كتابتها وإداراتها؟ هنا يقول: «يفاجأ المسؤول الأول ومن معه من كبار المسؤولين في (معظم الأحوال) بأن هؤلاء الذين أسندت إليهم مهام المناهج والتأليف قد أتوا بغير ما هو محدد لهم ومطلوب منهم، ولا حيلة في ذلك بعد أن طبعت الكتب ووزعت». ويضيف: «وليس مطلوبا من الوزير ووكلائه أن يقرأوا كل كتاب مقرر ليتأكدوا من صحة ودقة ما ورد فيه». والمقطع بالأعلى جاء ضمن مقال عنونه الوزير ب«إلى المشتغلين بالتربية والتعليم، أقول: ابعدوا هؤلاء المندسين بينكم» واستعرض فيه تجاربه مع من يروجون لأفكار فاسدة بين صفوف الطلاب ونصائحه لمواجهة تلك المجموعات (المندسة). وقبل مقاله، كنت أعتقد أن (المنهج الدراسي) هو الأساس الذي تنطلق منه الوزارة وتجتهد لأجله، ثم تبدأ بعده بالبحث عن المعلمين الصالحين الذين يتمسكون به في يومهم الدراسي مع طلابهم وبعدهم تبدأ بالنظر في حال المدارس التي تضمن البيئة الصالحة لكلا الطرفين. إلا أن ذلك التصور (تلخبط) كثيرا: فصار المنهج هو آخر أمر تسأل عنه الوزارة. بل إن قيادات الوزارة، كما يقول، لا تلتفت إلى مضمونه وشكله وما دس فيه من أفكار ملغومة إلا بعد أن يقرأها ويتعلمها ملايين الطلاب. وليسمح لي وهو يطالب بمحاربة (المندسين)، لأتحدث إليه بعد أن قضيت ردحا من الزمن تلميذا لتلك المناهج المفخخة: فللأمانة، لم يكن أولئك (المندسون) يبدأون حديثهم معنا خلف أبواب مغلقة ومن كتب ممنوعة في منتصف الليل، بل كانوا يفتحون منهج (الوزارة) ويختارون منه الموضوع الذي يتيح لهم تمرير أفكارهم وتبريرها ثم يتحدثون بها جهارا وبكل ثقة ونحن نرخي لهم الأسماع: فهم ونحن على منهج الوزارة. فكيف لطلابهم ولزملائهم ومشرفيهم أن يقيسوا مقدار السم في أفكارهم، إن كانوا مجرد (ناقلين) لذلك المدسوس بين صفحات المناهج؟ ثم من أين يقترح (المنطق) أن تبدأ حملة التطهير والتنظيف والمراقبة: من آخر ورقة في آخر غصن من الشجرة، أم من جذورها؟ الخوف أن تعمينا فرحتنا بمنظر الأوراق الساقطة عن ملاحقة جذور الشجرة المشبوهة. والخوف أكثر أن تكون تلك مجرد (مرحلة الخريف) في دورة حياتها الطويلة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 245 مسافة ثم الرسالة