اتصلت سيدة بجمعية حقوق الإنسان تشتكي قسوة زوجها واعتداءه المستمر والمتكرر عليها. أخبرها موظف الجمعية بأن عليها الانتظار في الطابور، وهو طويل بطبيعة الحال. هذا ما أخبرتني به تلك السيدة، ولعلها تبالغ، أو لعلها وصفت ما هو أقل من الحقيقة. بصرف النظر عن دقة ما قالته، إلا أنني على ثقة بأن حقوق الإنسان لدينا لا تملك قوة أو رغبة قوية تحارب بها القسوة التي تتعرض لها نساؤنا وراء الأبواب المغلقة. وإن كان على امرأة مظلومة أن تنتظر في الطابور، فسينتهي أجلها بضربة قاضية قبل أن يحين دورها. لربما قال البعض بأن حقوق الإنسان هيئة ضعيفة الكيان والتأثير. لكني على ثقة بأنه لو كانت هناك يد عليا تقسو على الهيئة أو ترفض عملها أو تعطله لما ظهرت الهيئة ولا الجمعية إلى الوجود في الأساس.. أنا لا أنكر دور مثل هذه المؤسسات في الزيارات الدورية للسجون ومراكز الإصلاح للاطلاع على حال المسجونين وغيرهم، لكني على ثقة في المقابل بأن إهمال قضية امرأة واحدة تتعرض للظلم يوميا هو جريمة ضد المجتمع كله، وعلاجها أكثر أهمية من مراقبة مكيف يعمل أو لايعمل في سجن أو إصلاحية. زيارة السجون والمراكز الإصلاحية تبدو لي في هذه الحالة أشبه بعملية استعراض أكثر منها دفاعا حقيقيا عن الإنسان. فكلنا سيبارك متابعة أحوال المساجين، لكن من سيلتفت إلى امرأة واحدة معذبة ؟ حسن .. هي ليست امرأة واحدة فقط . فأنا على قناعة بأن القسوة عامة، وإلا ما ظهرت برامج محاربة العنف الأسري الذي ترعاه صادقة أعلى سلطة في البلاد.. لكن. هل من صلاحية هيئة أو جمعية حقوق الإنسان متابعة قضية العنف ضد المرأة، أم هي من اختصاص برامج العنف الأسري ؟ في رأيي أن العنف الموجه ضد الإنسان هو مسؤولية كل فرد فينا، سواء كان ممثلا عن هيئة أو جمعية أو منظمة رسمية وغير رسمية. ولما كانت حقوق الإنسان تدافع عن كرامة الإنسان في الأساس، فإن دورها حيوي وجوهري في مساندة كل من تتعرض إلى العنف في منزلها وبيتها. ويشمل ذلك أيضا متابعة الفقراء وهم كثيرون، ومتابعة المظلومين وهم كثيرون، ومتابعة المحرومين من العمل وهم كثيرون، ومتابعة كل من له مظلمة وهم كثيرون أيضا.. فإن لم تستطع مؤسسات حقوق الإنسان فعل شيء، فما الداعي لوجودها في الأساس ؟. وإن هي طلبت من الجميع أن ينتظروا في الطابور، فما هو رقم الانتظار حتى يعلم الشاكي أو الشاكية إن كان دوره سيأتي خلال هذا القرن أو القرن القادم؟. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة