أكد نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان أن المؤسسات المعنية بقضايا العنف الأسري غير مهيأة للتعامل الفعال معها، وأن الإجراءات المتبعة في ذلك معقّدة وبطيئة. محملا وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في إدارات الحماية الاجتماعية عدم قدرتها على التعامل مع تلك الحالات بشكل فعال؛ بسبب افتقارها للإمكانات المطلوبة رغم اجتهادها في هذا الجانب. وعزا الدكتور الخثلان تردي أحوال السجون في المملكة إلى وزارة المالية لعدم تخصيص الأموال اللازمة لبناء إصلاحيات حديثة، مشيرا إلى أن معظم ما تم رصده من ملاحظات بشأن السجناء يتعلق بجهات غير إدارة السجون، منها وزارة العدل من حيث التأخير في نظر القضايا. وأوضح نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أن بعض الجهات الحكومية لا زالت تتردد في قبول الدور الرقابي للجمعية بسبب افتقادها الحس الحقوقي. «عكاظ» التقت نائب رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور صالح الخثلان، وخرجت بالحصيلة التالية: هناك معوقات كثيرة تحد من نشاط الجمعيات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في كثير من الدول، ما هي المعوقات الخاصة بالمملكة على وجه التحديد؟ كثيرة هي المعوقات، ولكن أبرزها عدم وجود نصوص تشريعية تضمن الحقوق. نعم الإسلام يعد المرجع الأول لنا في المملكة في مسائل حقوق الإنسان، والشريعة الإسلامية غنية بالتوجيهات التي تحفظ للإنسان كرامته وحقوقه، كما أن المملكة طرف في جملة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، ولكن يبقى هناك فراغ تشريعي واضح يضمن للأفراد حقوقهم كافة.. يرى البعض أن هناك ازدواجية في العمل بين جمعية حقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان، كيف تعالجون ذلك؟ من يقول بالازدواجية ينطلق من افتراض أن مؤسسة واحدة كافية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها وهذا غير صحيح، فالمجال واسع والمهام كثيرة تتطلب وجود أكثر من جهة. بصراحة، هل هناك جهات حكومية لا ترغب التعامل مع الجمعية وتكتفي بالتعامل مع هيئة حقوق الإنسان الحكومية؟ هذا غير صحيح، فكافة الجهات تتعامل مع الجمعية وإن كان بعضها يتردد في قبول الدور الرقابي للجمعية. من جهة أخرى، كانت هناك محاولات لتحييد الجمعية وتقييد عملها، ولكن موقف خادم الحرمين الشريفين كان واضحا وحازما، حينما أكد في توجيهه الكريم رقم 4616/م ب على الاستقلالية التامة للجمعية، ومن زاوية سياسية أظن أن هذا التوجيه يمثل وثيقة تاريخية مهمة في التطور السياسي للمملكة، ويعبر عن رؤية واعية بدور مؤسسات المجتمع المدني أكثر تقدما من مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية الذي لا يزال ينتظر الصدور في مجلس الوزراء. ذلك التوجيه مثل دعما قويا لنا في الجمعية وألقى علينا مسؤولية كبرى، وأدعو كافة الزملاء في الجمعية لترجمته من خلال أعمال الجمعية والانطلاق دون تردد نحو المساحات التي لا نزال نتلمسها عن بعد. هناك انتقادات مستمرة لوضع حقوق الإنسان في المملكة، ومنها رفض الوفد السعودي أخيرا في جنيف الكثير من بنود الاتفاقات الدولية، برأيك ما هي أبرز الملفات التي أخفقت جمعية وهيئة حقوق الإنسان في تلمس الحل لها؟ بالنسبة لرفض وفد هيئة حقوق الإنسان لبعض التوصيات المقدمة بعد مناقشة تقرير الهيئة في مجلس حقوق الإنسان، فأرى أن الوفد محق في رفضه في جانب واحد فقط وهو تطبيق الحدود الشرعية التي جاءت بنصوص صريحة وواضحة، فهذه لا يمكن قبول أية توصية بشأنها، وفيما عدا ذلك فالأمر متاح للتغيير بهدف التحسين. أما الملفات التي أخفقت الجمعية والهيئة فيها فأرى أنها في الغالب تتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، تشير تقارير الجمعية والهيئة إلى معالجة حالات كثيرة في السجون العامة، ماذا عن السجون الأمنية في المباحث والمخدرات وغيرها من الجهات؟ حتى هذه اللحظة لم نتمكن سوى من زيارة السجون العامة فقط وقد قدمنا تقارير مفصلة عن أحوالها، أما بالنسبة لسجون المباحث فقد طلبنا زيارتها وموعودون بالزيارة. بالمناسبة قد تستغرب أن القليل من المؤسسات الحقوقية الأهلية في الوطن العربي يتاح لها فرصة زيارة السجون حتى العامة منها ونقدر لوزارة الداخلية قبولها زيارات الجمعية للسجون العامة، كما أن المديرية العامة للسجون أصبحت ترحب بالزيارات بعد أن كانت مترددة حيث وجدت في تقارير الجمعية عونا لها، فمعظم ما تم رصده من ملاحظات بشأن السجناء يتعلق بجهات غير إدارة السجون، ومنها العدل من حيث التأخر في نظر القضايا، وكذلك وزارة المالية التي تتحمل مسؤولية كبيرة في تردي أحوال السجون وتكدسها؛ بسبب عدم تخصيص الأموال اللازمة لبناء إصلاحيات حديثة. هناك انتقاد من البعض للجمعية بتركيزها على القضايا النسائية، هل معنى ذلك أن عدد طالبي المساعدة من الرجال أقل من النساء؟ وما تفسيركم لذلك؟ يوجد لبس لدى البعض بشأن دور الجمعية تجاه القضايا المتعلقة بالمرأة، وللتوضيح أقول أن مجمل ما يرد الجمعية في هذا الجانب يتركز على التعرض للعنف الذي لا يمكن تجاهله بحجة أن الجمعية ليست معنية بالقضايا داخل الأسرة. فبعض حالات العنف تصل إلى الجريمة التي لا يمكن السكوت عنها. بقية القضايا تتعلق بحرمان الزوجة وأبنائها من الأوراق الثبوتية بسبب تعنت الأب مما يعيق حصولهم على حقوقهم سواء في الصحة أو التعليم أو حتى التنقل. هناك كذلك شكاوى خاصة بالمرأة تعالجها الجمعية تتعلق بقضايا مرفوعة أمام القضاء إما بطلب طلاق أو حضانة أو نفقة أو حق في زيارة الأبناء، وللأسف تستمر هذه القضايا منظورة أمام المحاكم لسنوات طويلة تتعرض فيها المتظلمة وأطفالها لمعاناة شديدة، مما يحتم تدخل الجمعية بمخاطبة المحاكم للبت في القضايا دون تأخير. وهل من دوركم مخاطبة القضاة بشأن تلك القضايا حول التأخير؟ نعم، نخاطب وكيل الوزارة للشؤون القضائية أو رؤساء المحاكم، ويتجاوبون معنا في الإسراع في إنهاء تلك القضايا. ما هي أسوأ القضايا التي عالجتها الجمعية؟ القضايا الأسوأ هي قضايا العنف الأسري فحجمها أكبر مما تصورناه، مع العلم أن ما يصل إلى الجمعية أو الجهات الحكومية ذات العلاقة قليل جدا بالنظر إلى الحساسية الاجتماعية للكشف عن ما يحدث داخل البيوت. ولا تزال المؤسسات المعنية بهذه القضية غير مهيأة للتعامل الفعال معها، كما أن الإجراءات في غاية التعقيد والبطء وهو ما يفسر انتهاء بعض الحالات التي تعرضت للعنف إلى الوفاة أو الإعاقة التامة. وزارة الشؤون الاجتماعية ممثلة في إدارات الحماية الاجتماعية مجتهدة في هذا الجانب، ولكنها غير قادرة على التعامل مع حالات العنف ضد الأطفال بشكل فعال؛ بسبب افتقادها للإمكانات المطلوبة. وهناك مشروع للحماية من الإيذاء والجمعية شاركت غيرها من المؤسسات الحكومية والأهلية في صياغة هذا المشروع الذي أتمنى أن يرى النور قريبا. إلى أي مدى ساهم وجود الجمعية والهيئة في تغيير وضع حقوق الإنسان داخليا، وهل هناك حاجة لمزيد من المؤسسات الأهلية والحكومية المتخصصة في هذا الشأن؟ لا شك أن هناك حاجة إلى وجود جمعيات حقوقية متخصصة تتولى قضايا بعينها، فجمعية معنية بنشر ثقافة حقوق الإنسان وأخرى بمتابعة قضايا السجناء وثالثة تعنى بالعنف الأسري أو الحق في العمل، وهكذا. هل تعتقد أن ذلك سيكون قريبا؟ هناك نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية تمت الموافقة عليه من مجلس الشورى وينتظر صدوره والموافقة عليه من مجلس الوزراء. يسمح بتسجيل وإنشاء أية جمعيات في أي مجال يفترض أن يدعم التوجه.