كشف نبيل المبارك المدير العام للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية “سمة” تراجع إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة في المملكة خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى 3.4 مليار ريال، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي والتي كانت 3.8 مليار بواقع 7 في المائة. وعزا ذلك التراجع إلى الانظمة التي طبقتها المملكة أخيراً والمتمثلة في سن قوانين مشددة على مصدري الشيكات دون رصيد. توقع المبارك في حوار ل “المدينة” أن يتراوح حجم الديون المتعثرة في القطاع المصرفي من 5 إلى 7 في المائة قبل نهاية العام الجاري، مشدداً على أهمية الوعي لدى الأفراد من حيث التعاطي مع التسهيلات والقروض، إذ إن قروض التقسيط بلغت 108 مليارات ريال يستفيد منها اكثر من 4.8 مليون مواطن ومواطنة، مشيرا إلى انه وحسب قواعد العمل المتبعة فإنه لا يتم إطلاق صفة التعثر على العميل في سمة إلا بعد تأخره في السداد لمدة ستة أشهر (180 يوماً).. المزيد حول قوانين وانظمة الشيكات المرتجعة تنقله الاسطر القادمة: *كيف نشأت فكرة “سمة” ؟ إن الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية سمة هي شركة سعودية 100 في المائة تمتلكها المصارف المحلية. تأسست في عام 2002م ، وبدأت العمل الفعلي في العام 2004 تحت مظلة وإشراف مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) كأول شركة سعودية تقوم بتقديم الخدمات الائتمانية بشقيها، للأفراد والشركات ، تعود فكرة إنشاء الشركة إلى أكثر من عشرة أعوام وتحديداً في العام 1998 عندما بدأت البنوك ومؤسسة النقد في دراسة الفكرة وعقدت من اجل ذلك العديد من الاجتماعات وتم تكليف عدد من المسؤولين بزيارة عدد من الدول والتنسيق مع البنك الدولي بهدف الاطلاع على التجارب العالمية السابقة لأكبر عدد ممكن من الدول بهدف الوصول إلى أفضل طريقة يتم من خلالها تأسيس بناء يهتم بتوفير المعلومات للمستفيدين على أساس معرفي ومنهجي لمساعدة الاقتصاد الوطني بصفة عامة والبنوك بصفة خاصة. *ما أبرز الصعوبات التي واجهتنا في البداية؟ الصعوبات كانت تتمثل في إرساء دعائم الفكر الائتماني وأهدافه وتأثير وتأثر هذا القطاع، ونشر الحقوق الخاصة والعامة، ولكن بعزيمة وإصرار الجهات ذات العلاقة ذللت كل الصعوبات وقامت الشركة حسب الأسس الموضوعة لها. وقد تمت الاستعانة بشريك دولي بهدف الاستفادة من القدرات الفنية وذلك للبدء من حيث انتهى الآخرون وبما يتناسب والبيئة المحلية، حيث إن إدارة الشركة ومنذ اليوم الأول كانت سعودية بالكامل. وفي هذا الخصوص، صدر في عام 2008 م قرار مجلس الوزراء القاضي بإقرار نظام المعلومات الائتمانية . ويهدف النظام الذي أعد بمرسوم ملكي إلى وضع الأسس العامة والضوابط اللازمة لجمع المعلومات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها وحمايتها، ويسري النظام على الشركات والجهات الحكومية والخاصة التي لديها معلومات ائتمانية، على أن تلتزم الجهات الحكومية التي لديها معلومات ائتمانية بتوفيرها للشركات المرخص لها . وتلتزم الشركات بجمع المعلومات الائتمانية وتوفيرها وتبادلها فيما بينها وحمايتها وإعداد السجلات الائتمانية عن المستهلكين وتبادلها مع الأعضاء عند طلبها. اما فيما يتعلق بقضية الوعي فإن علينا إرثا كبيرا في هذا الجانب ، ونحن نسعى جادين لتأسيس ثقافة ائتمان لدى كافة أطياف المجتمع. لكننا لسنا وحدنا في هذا الجانب، فالإعلام ليس شريكاً فقط، بل باني لبنات هذا الوعي، ولابد من نشر الثقافة الائتمانية، بدلاً من الجهل أو التجهيل الذي نصادفه عادة *التقرير الائتماني ندرك أن المنتج الرئيسي لسمة هو التقرير الائتماني، فما هي مكونات هذا التقرير الثابتة؟ قد لا يكون هذا القول دقيقاً فلدينا عدد من المنتجات غير التقارير الائتمانية للأفراد والشركات. والتقارير الائتمانية للأفراد هي سجلات ائتمانية توضح الملاءة المالية حسب الالتزامات المالية لدى العميل. وينقسم التقرير الائتماني إلى ثلاثة أقسام رئيسة؛ القسم الأول يتضمن المعلومات الشخصية عن العميل ؛ أما القسم الثاني فيتضمن الملخص المالي للتقرير. فيما يشمل القسم الثالث الأدوات المالية بتفاصيلها ، كإجمالي الحدود الائتمانية ، وتاريخ المنح ، والأقساط الشهرية، وسلوك السداد(Payment Behavior )، وحالة الأدوات الائتمانية سواء أكانت نشطة ، أو معلقة ، أو مغلقة أو متعثرة (وكل حالة لها شروط معينة حتى تتحقق) . أما القسم الرابع من التقرير الائتماني فيشتمل على الأدوات الائتمانية المتعثرة في التقرير إن وجد، ولا يظهر هذا القسم إلا في حالة تعثر العميل عن سداد إحدى الأدوات الائتمانية بعد مرور ستة أشهر متتالية من عدم السداد، وهو القسم الوحيد الذي يطلق عليه سجل التعثر. أما القسم الخامس والأخير فيتضمن المعلومات الشخصية الأخرى ، كالوظيفة ، والعناوين الدائمة ، وأرقام الاتصال ، وما إلى ذلك. *ما الآلية المتبعة في سمة نحو التعثر والمتعثرين ؟ ومتى يطلق على الشخص متعثر؟ وما هو التقرير الائتماني؟ لا بد من الإشارة إلى أن سمة لا تتدخل إطلاقاً بالمتعثرين، لا سلباً ولا إيجاباً. وهذا الأمر لطالما أكدنا عليه في أكثر من مقام. وأجد هذه الفرصة مناسبة عبر صحيفتكم الغراء للتأكيد على أن الأدوار الرئيسة المناطة بسمة تكمن في جمع البيانات الواردة إليها من الأعضاء، ومن ثم قياس معدلات المخاطرة ، وتقديمها بشكل رقمي للأعضاء. كما ان سمة لا تصنف أحداً كائنا من كان كمتعثر، ولا يمكن لنا القيام بذلك. كما لا يمكن لسمة التدخل في منح التسهيل من عدمه. قد يكون المستفيد متعثراً، ويتم منحه بعض التسهيلات الائتمانية، وقد لا يكون متعثراً، ومع ذلك، لا يمنح تلك التسهيلات. إذا القضية هي سياسات ائتمانية يقوم بها الأعضاء، لا نتدخل بها، وتتمثل في قياس الملاءة المالية لكل عميل بناءً على تاريخه الائتماني. وحسب قواعد العمل المتبعة فإنه لا يتم إطلاق صفة التعثر على العميل في سمة إلا بعد تأخره في السداد لمدة ستة أشهر (180 يوماً) لما فوق ال 500 ريال. وغالباً فإن القطاع المالي يطلق على العميل الذي لم يلتزم بالسداد لمدة ثلاثة أشهر أنه متعثر، لكننا في «سمة» لا نعد القرض متعثرا إلا بعد مرور أكثر من ستة أشهر على عدم السداد حتى يكون هناك مستوى عالٍ من الثقة في أن العميل ليس لديه رغبة في الدفع والقدرة على الدفع، علاوة على أن الستة أشهر فترة كافية لأي ظرف طارئ لتجاوزه. *ارقام واحصاءات ما آخر الأرقام والإحصائيات فيما يخص حملة (2010... كل شيكاتنا برصيد)؟ « حسب آخر الإحصائيات التي تقدمها سمة ، فلقد تراجع إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة في المملكة خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي بواقع 7 في المائة، لتصل إلى 3.4 مليار ريال، بعد أن بلغت قيمتها 3.8 مليار ريال. ونرى في سمة أن هذا التراجع نتيجة للأنظمة التي طبقتها المملكة أخيراً والمتمثلة في سن قوانين مشددة على مصدري الشيكات دون رصيد، وتعليق تعاملاتهم المالية، إلى جانب الحملة المكثفة الإعلامية التي كنا قد دشناها مؤخراً (2010.. كل شيكاتنا برصيد ) . كما أن إجمالي عدد الشيكات المرتجعة انخفض أيضاً في الربع الأول من العام الجاري بنحو 10 في المائة، عن الفترة نفسها من العام الماضي، لتصل إلى 36.7 ألف شيك، مقارنة ب40.6 ألف شيك. ما يخص الأفراد ، فلقد بلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة من قبل الأفراد خلال الربع الأول من العام الجاري 1.7 مليار ريال، فيما كانت قيمتها في الفترة المماثلة 1.6 مليار ريال. بينما شكلت الشيكات الصادرة من الشركات نحو 70 في المائة من إجمالي الشيكات المرتجعة، حيث تراجعت قيمتها بنسبة 26 في المائة، لتصل إلى 1.7 مليار ريال، في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة ب2.2 مليار ريال في الربع الأول من العام الماضي. *القروض الانتاجية والصناعية ما سبب تردد البنوك في تقديم القروض الإنتاجية والصناعية ؟ بداية لا بد أن نتذكر أن بدايات التمويل في المملكة كان واضحاً وسهلاً ولم يتطلب سياسات تدخل واضحة نظرا لبساطة ووضوح الأرقام حول عمليات التمويل، حيث إن حجم التمويل حسب الإحصائيات الرسمية من قطاع التمويل الحكومي لم يتجاوز 120.9 مليار ريال في نهاية العام المالي 2005، مقابل 167.2 مليار ريال في العام 1987 وبنسبة تراجع بلغت 38.3% وذلك نتيجة للدور الكبير الذي أصبح يلعبه القطاع الخاص كمولد للتمويل اللازم وهو التوجه والنهج الذي يتماشى مع الخطط الخمسية للدولة وبرامج الخصخصة. وكنا في سمة قمنا بدراسة مستفيضة في هذا الشأن. حيث أوضحت الدراسة أن حجم القروض الشخصية «الاستهلاكية» الممنوحة من قبل القطاع المصرفي وقطاع التقسيط باستثناء القطاع الحكومي وجزء كبير من قطاع السيارات قد بلغ حسب تقديرات الدراسة في عام 2006 نحو 290 مليار ريال (الدولار يعادل 3.74 ريال)، و182 مليار ريال من القطاع المصرفي بالإضافة إلى 108 مليارات ريال من قطاع التقسيط، موزعة على أكثر من 4.8 مليون مواطن ومواطنة. كما أن حجم القروض من القطاع المصرفي ارتفع في يوليو في عام 2007 إلى نحو 197 مليار ريال، ووصل إجمالي ما قدم من قروض من قبل قطاع التقسيط نحو 115 مليار ريال، ومن ثم فإن الإجمالي يبلغ 312 مليار ريال. زد على ذلك أن عدد المواطنين الحاصلين على تسهيلات بمختلف أنواعها بلغ نحو 4.8 مليون مواطن ومواطنة، وهو رقم يمثل نحو 99% من عدد المواطنين القابلين للحصول على قروض شخصية (دخلوا سوق العمل)، إضافة إلى أن هذه الزيادة جاءت منذ عام 2003 وحتى عام 2006 بشكل متسارع، إلى جانب وجود نحو 461 ألف مقيم حاصل على تمويل من قبل القطاع المصرفي محليا، في ظاهرة تعد متنامية في الاقتصاد السعودي.وهنا أشدد على أهمية الوعي لدى الأفراد من حيث التعاطي مع التسهيلات والقروض، ذلك أنها ذات تأثير حقيقي في الاستقرار الأسري الاجتماعي، وأنها قد تدخل في مراحل لاحقة إلى مستوى الأمن العام للمملكة في حال عدم القدرة على التعاطي مع الديون والتي هي مرشحة للزيادة بشكل كبير من مصادر داخل وخارج القطاع المصرفي حيث من المحتمل أن تسجل الديون المتعثرة داخل القطاع المصرفي أكثر من 5 إلى 7% قبل نهاية العام الجاري. كما أشرنا في الدراسة إلى أن الفترة منذ بداية الألفية الثالثة شهدت تغيرات مهمة تؤكد الحاجة إلى مزيد من الدراسات والمراجعات لما جرى خلال الأعوام الستة الماضية والتي شكلت حتى الآن معالم طفرة جديدة ثالثة تختلف في معطياتها ونتائجها المستقبلية عن نتائج الطفرات السابقة للمملكة، الأمر الذي يعتبر مؤشرا على وجود خلل هيكلي في كون أن التمويل الاستهلاكي يزداد بمعدلات أكثر من معدلات زيادة مستويات السيولة. وكذلك التخصيص والذي هو نهج متفق عليه استراتيجيا، رغم الاختلاف على أسلوب تنفيذه، الدور الذي أصبح يلعبه القطاع الخاص « . أما عن سبب اهتمام البنوك بالاقتراض الاستهلاكي في ارتفاع معدلات الديون على المواطنين حتى وصلت بعض التقديرات على قرابة 200 مليار ريال. *ديون المواطنين ما تأثيرات الديون على المواطنين في المستقبل؟ تشير إحصائيات سمة في فبراير الماضي من العام الجاري أن نسبة القروض المتعثرة بلغت 1.2 في المائة للقطاع المصرفي، و1.4 في المائة للقطاعات ككل، فيما يبلغ إجمالي الإقراض بالنسبة للقطاع المصرفي 202.8 مليار ريال، وإجمالي قيمة الإقراض للقطاع المصرفي والقطاعات الأخرى 220 مليار ريال، فيما قيمة المبالغ المتعثرة 2.4 مليار ريال، و جزءا كبيرا من مشكلة التعثر تعود إلى انعدام ثقافة الائتمان، وكيفية التعامل مع التمويل، فحسب الأرقام يتضح استمرار ضحالة تلك الثقافة واعتماد المجتمع على القروض في سد احتياجاتهم التي اعتبر أن جزءا كبيرا منها ليست أساسية، بل احتياجات استهلاكية لابد من الاعتراف أن شريحة كبيرة من المجتمع انجرفت في فترات مضت وراء أطماع جمع الأموال بطرق سريعة من خلال الأسهم، ومن ثم العقار، واستعان عدد كبير من أفراد المجتمع بالقروض للدخول في تلك الاستثمارات، دون النظر إلى المخاطر التي قد تشكلها تلك القروض على الفرد والمجتمع. من خلال تجربتنا في سمة ، نرى أن على كل فرد أن يعي متى يقترض ومتى لا يقترض، فالاقتراض نعمة إذا تم التخطيط له بطريقة سليمة ، ومنطقية ، وفق أسس الحاجة ، لا الرغبة. وهذه النعمة تتحول إلى نقمة إذا انجرف الفرد نحو الاقتراض دون الأخذ بعين الاعتبار التبعات المترتبة. ونكاد نجزم في سمة ومن خلال معلومات دقيقة أن من لديه أكثر من ثلاثة قروض فلديه مشكلة فقد وقفنا على حالات في سمة ممن لديهم حوالى التسعة تعثرات! أي أن هناك تسعة قروض! جلها استهلاكية! وهذا يؤكد أننا فعلاً بحاجة ماسة لتوعية المجتمع في هذا الجانب.