انتهت مباراة النصر والأهلي بفوز الأول عطفا على واقعية مدربه، بعد أن تخلى عن بعض قناعاته، وشيء من اختراعاته الفنية، التي قد تكون صحيحة ولكنها لا تطبق كما يجب، فللمرة الأولى يجنح زنجا نحو الواقعية الفنية، لذا ظهر فريقه مترابطا، وقل فقدان لاعبيه للكرة فدانت لهم السيطرة الإيجابية، بينما ذهب فريق الأهلي بالسيطرة السلبية، نتيجة التكوين الفني الخطأ للتشكيلة العناصرية التي لعب بها بداية المباراة، ولم يستطع مدربه التعديل حتى وهو يستنفذ فرص التبديل.. ليس هناك في المباراة شيء يدعو للدهشة، إلا الحالة الانفعالية التي كان عليها بعض لاعبي الأهلي أثناء المباراة، والجهاز الإداري في نهايتها، فالمباراة كانت عادية ولا تستحق الانفلات، ولم تشهد أخطاء تحكيمية تبرر التوتر الأخضر، الذي أعتقد أن منبعه لم يكن حكم اللقاء، ولكنه ناتج عن الضغوط التي يلعب الأهلي تحت رحاها الطاحنة، والتي أشرت إليها الأسبوع الماضي في مقالة (اللعب في الزوابع)، وسيستمر الفريق الأهلاوي يلعب في الزوابع، ما لم تستطع الأجهزة الفنية والإدارية إغلاق المنافذ التي تمر منها، بدلا من فتح كل الجهات لمساراتها الهادرة.. في خلفية المشهد العام للمباراة، كان هناك وميض أخاذ، ربما لم ينتبه له الكثيرون، هذا الوميض المفقود منذ زمن، كان يشع ببهاء واضح حول النجم حسين عبد الغني، الذي احتوى التوتر الأهلاوي، في آخر دقائق المباراة وبعد نهايتها، وهذا السلوك الرفيع لا يأتي إلا من الكبار، الذين يحفظون جميع تفاصيل الأدوار المنوطة بهم، وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر فيها هذا النجم الكبير بهذه الصورة البهية، ففي العام الماضي وفي أول لقاء لعبه ضد فريقه السابق، كان له موقف مشهود مع المشجع الذي حمل اللوحة التي كانت تحتوي على إساءة مباشرة لحسين.. صورة مناقضة يمكن قراءة خطوطها بوضوح في لقاءات النصر بفرق الفتح والرائد والفيصلي، والتي تحمل ملامح الروح الانتقامية غير المبررة من اللاعبين الذين استغنى عنهم النصر خلال حركة التجديد التي يمر بها، ولعل لقاء الرائد الذي جرى قبل أسابيع قليلة يختصر كل ما يمكن أن يقال عن الروح المنتقمة.. تباين الصورتين يعطي دلائل مؤكدة لقيمة النجم، فعبد الغني خرج من الأهلي وهو في قمة توهجه، ومع ذلك لم يتوقف عند النقاط السوداء، بينما من في الصورة المضادة، لم يشاهد الخارجون من النصر كل مساحات البياض في علاقتهم به، لذا ركزوا على النقاط السوداء، فجاءوا بالسواد لعله يبيض صفحة مسيرتهم الفنية في النصر.. الاستدلالات التي يمكن قراءتها في الصورتين المتناقضتين، قد لا تكون لها علاقة بالمبادىء والقيم المجردة، بل هي مرتبطة بالنجومية ووميضها، ومعرفة النجم بقيمته وبالأدوار المنوطة به داخل الملعب وخارجه، والتي جسدها النجم الكبير حسين عبدالغني بصورة جلية في جميع لقاءات النصر بالأهلي.