هذان اتجاهان للتواصل بين الأفراد أو المجموعات. أولهما فرض وجهة نظرك على الطرف الآخر بالقوة، أما الثاني فهو الدعوة إلى التحاور من أجل الإقناع. فالاتجاه الأول قد يسكت الطرف الآخر خوفا أو قطعا للصراخ أو التهديد، في حين أن الاتجاه الثاني يجعل الطرف الآخر يقتنع أو يقنع الطرف المحاور، وبالتالي يكون القبول أو الرفض عن قناعة واضحة. ولو استفدنا من شريعتنا الإسلامية الغراء التي عمادها القرآن والسنة لوجدنا بشكل واضح أهمية الاقناع. ففي القرآن نصوص صريحة وواضحة، مثل قول الله في سورة النحل: (الآيتان 125 و 126): «ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين». وفي سورة أخرى (العنكبوت 46) يقول الله سبحانه وتعالى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون». وفي سورة أخرى (الانعام 108) يقول الله سبحانه: «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون». هذه الآيات تنادي صراحة بالتحاور من أجل الإقناع بالحسنى. ولو أراد الله سبحانه أسلوبا آخر لجاء واضحا في كتاب الله الذي أنزله على رسوله ليكون نبراسا وقائدا للمسلمين لعبادة الله ثم التعاون فيما بينهم وبين الفئات الأخرى من غير المسلمين. كما أنها تدل على أن الله سبحانه يريد لأنبيائه أن يكونوا قدوة حسنة في أسلوب الدعوة إلى ما بعثوا من أجل تحقيقه. ولو أراد الله أن يستجيب هذا الآدمي أو ذاك لنهج معين لتحقق ذلك: «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس 99). وعلى هذا النمط المستقيم الذي فرضه الله ليكون وسيلة للهداية قام الرسل عليهم السلام بتبليغ رسالاتهم. وفي ضوء ذلك الأسلوب يكون الثواب والعقاب. إن أسلوب الحوار الذي هدانا الله إليه من خلال قيادتنا الحكيمة يوضح أهمية الإقناع عن طريق الدعوة بالحسنى والتحاور مع الأطراف الأخرى. فنبينا وحبيبنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام مارس الحوار بشكل واضح، ولعل من أبرز الممارسة ما فعله عليه الصلاة والسلام يوم الحديبية عندما أقنع معاندي قريش بأسلوبه البناء بأن يتخلوا عن عنادهم ويدخلوا في الإسلام طواعية مع أن أصحابه رضي الله عنهم لم يرتضوا العودة إلى المدينة إلا بعد أن رأوا الرسول يخلع إحرامه ويقرر العودة، ثم يتوجه في وقت آخر بعد أن هداه الله إلى ما يجب عمله، رغم التجربة القاسية التي لم يستوعب مغازيها بعض الصحابة يوم الحديبية. وفي مواقف أخرى كان الرسول يتعامل بوضوح مع أتباع الديانات الأخرى «من يهود ونصارى» كانوا يجاورونه في المدينة حتى وفاته عليه الصلاة والسلام ومن ذلك أن درعه كانت مرهونة لدى جارهم اليهودي يوم وفاته. بل إن كثيرا من الممارسات النبوية أقنعت كثيرا ممن كانوا يقاومون الإسلام، لكنهم ومن خلال الأسلوب القرآني والنبوي دخلوا في الإسلام أفواجا وطواعية. وما أسلوب المناصحة الذي تبنته وزارة الداخلية «في تصحيح اتجاهات الإرهابيين ومن غرروا بهم من الشباب فقادوهم إلى الانحراف» إنما هو أحد الأساليب الفاعلة التي خدمت الوطن وجعلته قدوة في تقويم الانحراف. حيث أدى هذا الأسلوب البناء إلى إيضاح وسطية الإسلام لمن ضل الطريق فانقاد للمتطرفين، حيث يقوم أسلوب المناصحة على بيان الخطأ في سلوك الواحد منهم، والوسائل البناءة التي يجب عليهم «عن قناعة» أن يسلكوها لكي تستقيم حياتهم ويخدموا وطنهم، فالحمد لله على هذا التوفيق الذي صار سلوكا رسميا وأخويا وأبويا مع الشباب المنحرف أدى إلى عودتهم إلى الحق وخدمة أنفسهم ووطنهم. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة