يقول الداعية الإسلامي الشهير د. عبد الرحمن السميط: «من خلال تجربتي الدعوية في أفريقيا لأكثر من ربع قرن تأكد لي أن معاملة الآخرين بالحسنى هي أفضل وسيلة للدعوة». والسميط يؤدي هذا الواجب في أفريقيا بأسلوب لا يخرج مطلقا عما قاله الله سبحانه عن خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام: «فبما رحمة من الله لنت لهم. ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر». لأن الإقناع لا يأتي بالاستفزاز والتهديد، حتى في الخصام مع الآخر لأنك بالمعاملة الحسنى تجعل الطرف الآخر يعود إلى رشده فيقنعك أو يتقبل وجهة نظرك وبهذا يتحقق الهدف بدون خصومات أو مواجهات. وبالعكس عندما تستخدم العنف والتكشير واستخدام الإشارات المهينة تجعل الطرف الآخر (الذي استفززته) يستخدم كل وسائل الدفاع المباحة وقد يخرج عن محيط الإباحة لكي يرد عليك ما يراه إهانة له. بل إن كثيرا من الحروب والمناوشات سببها استثارة الخصم بأسلوب يراه مهينا، فيندفع لاستخدام أي سلاح يراه رادعا حتى وإن كان غير مقبول. وما يعمله الشيخ عبد الرحمن السميط في أعماله الدعوية في أفريقيا التي فرغ نفسه وماله ورحابة صدره لإنجاحها لأكبر دليل على أن التعامل بالحسنى يجعلك تغلب (بكسر اللام) ولا تغلب، ذلك أن من تحاوره يكون حييا في الغالب فلا يتطاول عليك وإنما يستمع إليك، ويقدم وجهة نظره وأدلته ويتيح لك المجال لكي تقدم أدلتك ووجهات نظرك، وعندئذ تنتهي المحاورة إلى الأخذ بالأصوب من الجانبين. وعندما كان الإخوة الدعاة المتطوعون يستخدمون الحزم والشدة كان الناس ينفرون منهم. بل إن بعض الشباب كانوا يتمادون في المخالفات ليس عن قناعة ولكن عن انتصار للنفس لأن شدة الداعية أعانت الشيطان على العناد لدى المخالف. وإذا ما استعرضنا صفات الرسل التي وهبهم الله إياها ليكونوا مثلا عليا فإننا نجدها أثمرت في استجابة الكثيرين ممن هداهم الله لدعوة كل واحد منهم. فالله يقول: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن). فإذا تم هذا فغالبا يكون التأثير أقرب من العناد. ويقول الله تعالى أيضا في سورة فصلت: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين). ويقول الله تعالى: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) «العنكبوت». كما يقول الله تعالى في سورة الأنعام: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم).. إذن فنحن أمام تعليمات كثيرة ربانية ونبوية وتصرفات فاصلة بسبب عدالتها وحسن أدائها قادت وتقود إلى إقناع الآخر. وخاصة أن اللطف واللين في الخطاب والمخاطبة يقودان إلى جعل المحاور يقتنع فيأخذ بالرأي الذي عرض عليه، وإن لم يقتنع المحاور (بفتح الواو) فإنه لايلجأ إلى أسلوب الدفاع الصارخ. وإنما يحاول إيراد أدلة مقنعة لوجهة نظره. وما يفعله (خادم الدعوة) الشيخ السميط ما هو إلا استجابة لما أمر الله به الأنبياء والرسل ومن تبعهم. والذي يتابع (مجلة الكوثر) التي يصدرها السميط يرى كثيرا من الوقائع التي أدت غرضها الدعوي بسبب الأسلوب الأمثل مثل: المحاورة بالحسنى، أو اتباع أسلوب عملي رآه أمامه فاقتنع به، بحيث صار المستجيب متأثرا بالقدوة الحسنة التي أمامه. ولعل كثيرين من العمالة الأجنبية الذين يفدون إلى بلاد المسلمين (وخاصة مملكتنا الحبيبة) ممن دخلوا في الإسلام لم يفعلوا ذلك لولا الجهود المتزنة التي يتحلى بها الدعاة المتزنون الذين يعطون مثلا أعلى لما يجب أن يكون عليه الداعي إلى الحق ليستحق بذلك الأجر من الله، ومن ثم يسهم في إنقاذ هذا وذاك من أن يموت على غير الإسلام. ولو كان الدخول خوفا من الناس لأصبح فاعله منافقا يخشى عقوبة البشر متناسيا عقوبة الإله، وذلك لا يحقق هدف الداعية ولا المدعو. جزاك الله خيرا يا خادم الدعوة ومن ساروا في مثل مسارك المعتدل المقنع، الذي هداك إليه ربك فأنجزت وفزت برضى الله، إن شاء. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 112 مسافة ثم الرسالة