انتشرت في ملاعبنا عادات دخيلة على مجتمعنا في الآونة الأخيرة، وأصبحت تهدد القيم والمبادئ التي غرسها فينا ديننا الحنيف، فبعد ظهور القزع والشعارات داخل القمصان، اتجه بعض اللاعبين إلى تقليد نجوم عالميين في كرة القدم، في أشكالهم وأحيانا في ملابسهم، والبعض الآخر أصبح يعبر عن فرحته بنفس الأسلوب الذي يعبر به اللاعب الأجنبي، وهناك فئة فضلت اختيار لاعب كل موسم لتقليده، متجاهلين في ذات الوقت الأهم، باتباع الاحترافية التي عليها أولئك اللاعبون العالميون، سواء فيما يختص ببرامجهم التدريبية أو تطوير مهاراتهم بإتقان بعض التدريبات، أو بالتزامهم داخل الملعب، مما يثير علامات استفهام عديدة حول المنهجية التي يعتمد عليها لاعبونا للتقليد الأعمى لتوافه الأمور، «عكاظ» ناقشت القضية مع أطراف ذات علاقة، لتصل إلى جذور المعضلة وطرح الحلول الكفيلة باختفاء هذه الظاهرة من ملاعبنا .. وخرجت بالمحصلة التالية: الحامد: الإعجاب عامل رئيس للتقليد في البداية أوضح الدكتور محمد الحامد استشاري الأمراض النفسية، أن أسباب التقليد تكمل في ثلاثة عوامل رئيسية، أولها الإعجاب بالدرجة الأولى، حيث تجد شخصا يعجب بآخر ومن ثم يبدأ يتقمص شخصيته، مثال ذلك الطفل عندما يتقمص شخصية والده، ويكون الإعجاب ناتجا عن إعجابه بالمستوى الفكري أو التعليمي، كذلك الرياضي ويتمنى الشخص المقلد أن يصل إلى ذلك المستوى. النوع الثاني هو التقليد للشخصية العدوانية، وذلك من خلال اعتداءات تحدث له في سن مبكر، وبالتالي تجده يتقمص الشخصية في محاولة منه أن ينتقم، فيما النوع الثالث يكون من باب التهكم بالشخصية والسخرية بها، وهذا يكثر في الأعمال الفنية التي تسمى بالكوميدية، حيث تجد الممثل يتقمص دورا للتهكم بالشخصية، والتطرق إلى سلبياتها وإبرازها للمتلقي، وهناك تقليد ساذج يقوم به أشخاص سذج وهي لا مقياس لها، فهي لا إعجاب ولا سخرية ولا هدف لها، وإنما تأتي من باب السذاجة والمحاكاة. وعلق حول إذا كان التقليد بسبب ضعف الثقة، قائلا: ذلك نوع من أنواع التقليد للإعجاب، فهناك شخصيات تشعر بضعف في نفسها، واهتزاز الثقة يجبرها على تقمص دور شخصية قوية وبارزة، لتخفي هذا الضعف، فحاله حال الطفل الذي يبحث عن مايفقده من قوة وسلطة يقتبسها من شخصية والده ويستمد منها القوة، وبالتالي عندما يجد اللاعب أن هناك نقصا في المهارة أو نقصا في الشهرة، فإنه يلجأ إلى المشاهير والنجوم للحصول على ماينقصه، وهذا ليس أمرا مطلقا، وإنما يختلف من شخص إلى آخر، وليس كل مقلد ضعيف شخصية وإنما تنتج ذلك من خلال التحليلات والقراءات في تصرف الشخص. وكشف الحامد عن تأثر النشء والمراهقين والنساء بهذه التقليدات، كونهم يبحثون عن المشاهير لتقليدهم، وبالتالي لا يجدون إلا لاعب كرة القدم، الذي بات أشهر من المثقفين والمفكرين، لذلك عندما لا يعي المراهق أو الطفل أو حتى النساء الفروقات بين اللاعب والمفكر، فإنه يتبع الأكثر شهرة، والإعلام يركز كثيرا على اللاعب كون الأضواء مسلطة عليه، الشهرة والإعلام تهم المراهقين بينما العاقلون لايبحثون عن هذا، لذلك نوجه رسالة للاعبين الذين تحت الأنظار والأضواء ولهم متابعون، أن يلتزموا بتصرفاتهم والتزامهم بالهوية الوطنية، ينبغي أن يظهر اللاعب بمظهر جميل، ليعكس داخل معجبيه صورة جيدة عنه والابتعاد عن التقليد الأعمى. من جانبه، أكد مهاجم نادي النصر سابقا محيسن الجمعان أن توجه اللاعبين إلى التقليد من الأمور غير المحببة والدين الإسلامي ينهانا عنها، وبالتالي أنصحهم بعدم تقليد اللاعبين العالمين حتى لو أعجبوا بمستوياتهم العالية، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون لكل واحد منهم شخصية مستقلة بنفسه، ولا يكمن أن يكون نجما طالما يبحث عن التقليد، فلو نظرنا إلى نجوم للكرة السعودية السابقين، أمثال: ماجد عبدالله، يوسف الثنيان، الهريفي، وغيرهم لم يكونوا مقلدين وإنما استطاعوا وضع بصمة لأنفسهم داخل الملعب وخارجه، محملا القنوات الفضائية انتشار هذه الظاهرة، بعد أن ساهمت في نقل المباريات العالمية والدوريات الأوروبية، متمنيا من الجميع ألا ينجرفوا وراء تلك التقليعات والاهتمام فقط بالجانب التقني والمهاري الذي يطور مستوى اللعبة لدينا. الرياضيون: التقليد يعكس ضعف العقلية لدى لاعبينا جميل: تقليد لجلب الشهرة أكد اللاعب المخضرم أحمد جميل الملقب بالسد العالي، أن التقليد موضة أصبحت منتشرة في الملاعب بصورة تستوجب الوقوف عندها، ويلاحظ أن المنتمين لهذا الأمر هم لاعبون من أصحاب المستويات المتوسطة، بهدف لفت أنظار الناس إليهم وتحقيق الشهرة التي حرموا منها، وذلك يدخل في إطار تقليد الغرب، وهو ما يسمى بالتقليد الأعمى، ولاعب كرة القدم ينتمي لمجتمعنا الذي للأسف توجه للتقليد، متناسين العادات والتقاليد التي تميز مجتمعنا الديني المحافظ،، وباتوا ينساقون وراء تقليد الغرب في كثير من الأشياء عديمة القيمة، مثل التقليد في الشكل أو الملبس، متجاهلين الأهم مثل المستوى أو الالتزام ببرنامج اللاعب المحترف، وترى أن التقليد يقف على الأمور الثانوية، فنحن وبكل أسف نحرص على أخذ الأمور الهزلية من الغرب، في حين تركنا الأمور المفيدة حتى على صعيد لاعب كرة قدم. خيمي: تقليد مخالف للقيم الدينية وأكد حاتم خيمي نجم نادي الوحدة السابق والمشرف على كرة القدم، أن موضوع تقليد اللاعبين العالميين، ظاهرة سلبية في بعض الأحيان مثل قصة الشعر وارتداء بعض الملبوسات التي لا تتناسب مع أخلاق الإسلام، ولا أعتقد أن الأمر مقلق في مجال كرة القدم لهذه الدرجة، التي تتطلب تدخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لأن التقليد جاء في مجال كرة، ولولا تميز اللاعبين الغربيين لما شاهدنا تلك الفئة تبحث عن تقليدهم، لكن إن شاء الله يدرك اللاعب السعودي أن هذا التقليد له أضراره المستقبلية على النشء، وإذا أراد تقليد لاعب معروف مثل ميسي أو كريستيانو رونالدو أو غيرهم من النجوم العالميين، يجب أن يكون التقليد في العطاء داخل المعلب، الأمر الآخر أتمنى أن لا يكون التقليد في جوانب أخرى، وإنما يكتفون بالملابس داخل الملعب أو الشكل، والمهم أن لا يكون هناك تقليد أيضا خارج الملعب، وإن كنت أرى بشكل عام وليس في مجال الرياضة، أن تقليد الشباب المسلم للغرب ظاهرة غير حضارية ومخالفة لتعاليم ديننا الإسلامي، وأطالب بالتصدي لها كون رسول الله عليه الصلاة والسلام نهانا عن تقليد اليهود والنصارى. كميخ: الخشية من التقليد في العقائد ورأى المدرب الوطني علي كميخ أن الموضوع جدير بالطرح، نعم هناك بعض اللاعبين بحثوا عن تقليد اللاعب الأجنبي، والتقليد في مجمله للغرب يتنافى مع العادات والتقاليد، وهو أمر مرفوض ويجب التوعية من قبل مسؤولي الأندية ووسائل الإعلام، ولابد من وجود تعليمات مشددة مثل ما كانت في أزمة القزع، حتى لا يقودنا هذا التقليد الغامضة أهدافه إلى آخر في أمور عقائدية، لكن لا يمنع أن نستفيد من الغرب أو النجوم العالميين من تجاربهم الرياضية وخبراتهم العملية، للاستفادة منها في المحافل الدولية، واختلف مع من يقول إن اللاعب السعودي لايملك مهارات اللاعبيين العالميين، لأن التجارب أثبتت أن اللاعب السعودي لديه إمكانيات عالية من المهارات الفردية، وشاهدنا منتخب الشباب في الصين ومنتخب الناشئين في الكويت، يقدمون أنفسهم بشكل جميل، لكن تظل المسألة متعلقة بالدرجة الأولى بالأندية، حيث مطالب المدربين الموجودين أمثال جيرتس وزينغا ومانويل جوزيه من تطوير تلك المهارات والاستفادة منها وتصخيرها للتكتيك الفني لدى اللاعب، فنحن سمعنا كثيرا من المدربيين الذين يحضرون إلى السعودية أن اللاعب المحلي لديه إمكانيات عالية، ويفتقد إلى الانضباط التكتيكي، مما يعنى أن هناك لاعبين مميزين أمثال: عبده عطيف وأحمد الفريدي ونواف العابد والجيزاوي وغيرهم كثير من اللاعبين الذين يمتعونك داخل الملعب.