من الاتجاهات التربوية الحديثة التي تجري في العالم هذه الأيام، توجيه التعليم إلى مساندة الأهداف الإنسانية، والنظر إليه كطوق نجاة يعين العالم على التخلص من كثير من أسباب الصراع والنزاع الناجم عن الكراهية والتعصب والبعد عن العدالة، وذلك عن طريق توظيف التعليم في تنمية قيم التعايش الإنساني بين الناشئة، ويقصد بها تلك القيم التي ترتبط بتفاعل الناس فيما بينهم، مثل: احترام حقوق الإنسان، التسامح ونبذ التعصب، قبول الاختلاف، التعاون، وما شابهها من قيم تورث السلام والمحبة وتبتعد عن النزاع والعداوة والكراهية. وتبع ذلك أن ربطت جودة التعليم بدرجة اهتمامه بتنمية تلك القيم، وعد ذلك ضمن معايير الجودة التي تضع في حسبانها درجة تبني التعليم في مناهجه لقيم التعايش الإنساني وسقيها للناشئة من الطلاب والطالبات، لكنا في مشاريعنا التطويرية للتعليم لا نجد ذكرا لهذه القيم على أهميتها. في التقرير الموجز الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم عام 1426ه عن المشروع الشامل لتطوير المناهج التعليمية، ذكر أن من بين أهداف المشروع: «تضمين المناهج القيم الإسلامية والمعارف والمهارات والاتجاهات الإيجابية اللازمة للتعلم وللمواطنة الصالحة والعمل المنتج والمشاركة الفاعلة في تحقيق برامج التنمية والمحافظة على الأمن والسلامة والبيئة والصحة وحقوق الإنسان»، أما قيم التعايش الإنساني فلم يرد منها ضمن أهداف المشروع سوى (حقوق الإنسان). عند مراجعة التطويرات التي أحدثت في تعليمنا لمعرفة مدى التغييرات التي أحدثت في التعليم ليكون مرتبطا بقضايا المجتمع المعاصر وإعداد الفرد لمواجهة الحياة في هذا العصر، نجد أنها في هذا المجال تعد تطويرات محدودة للغاية، فالتعليم ما زال مقتصرا على توفير النشاطات التعليمية المتعلقة بدعم قيم الانتماء الديني والوطني، أما تلك التي تعمل على بناء مهارات التفاعل الاجتماعي والتعايش السلمي مع الآخرين فإن الاهتمام بها شبه معدوم، كما أن معظم النشاطات التعليمية المتاحة ينقصها الاهتمام بالجوانب التي تدعم المعرفة بالشؤون العالمية والانفتاح على العالم لفهم العلاقات السياسية والاقتصادية، واختلاف ثقافات الشعوب، وفهم أسباب المنازعات، والتسامح مع الآراء المخالفة، والنظر إلى الأمور من جوانب عدة، بما فيها جانب الطرف المختلف معه. ولأن معظم الدراسات التي أجريت لمعرفة مدى تأثير تعليم قيم التعايش الإنساني للطلاب على تفاعلهم الاجتماعي، أشارت إلى أن تضمين تعليم تلك القيم في المناهج الدراسية له أثر بالغ في تغيير الأفكار المتصلبة، والتخفيف من حدة الصراع الناشب بين الناس نتيجة التعصب وعدم التسامح، فإنه ينبغي أن ينطر إلى ذلك باهتمام أكبر، وأن يكون من الأولويات التي تحرص عليها وزارة التربية والتعليم. وقد سبقتنا إلى هذا كثير من الدول المتقدمة، فضلا عما تصدره المنظمات الدولية من توصيات تحث على ذلك. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة