ما زال نظام (ساهر) المروري الذي يضبط الحركة المرورية عبر نشر كاميرات تقوم برصد المخالفات المرورية، ما زال هذا النظام محور حديث الناس في مجالسهم ومنتدياتهم الاجتماعية وملتقياتهم العملية، وعلى مواقع الإنترنت المختلفة. الكثيرون يشكون من هذا النظام مر الشكوى، والكثيرون يذهبون إلى اعتباره نظام جباية يستنزف جيوب المواطنين التي تئن أساسا من تكاليف المعيشة التي تسير مسارا تصاعديا متواصلا. وفي المؤتمر الثاني للتعاملات الإليكترونية الذي عقد في مدينة الرياض في التاسع عشر من شهر شوال 1431ه، وخلال ترؤسه للجلسة الخامسة ضمن فعاليات المؤتمر، قال سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز الرئيس العام للاستخبارات العامة: «إن المرور ليس مجرد نظام ساهر، وحتى نظام ساهر أنا على خلاف مع آلية تطبيقه الحالية، حيث أخبرت القائمين عليه بأنه إذا كان القصد من هذا النظام زيادة حصيلة وزارة المالية منه فهذا أمر آخر، أما إن كان الهدف من النظام هو سلامة المواطن فيجب توضيح مواقع الكاميرات أمام السائقين على الطريق». فالأمير مقرن يعلن بوضوح عدم رضاه عن آلية تطبيق نظام ساهر؛ كون هذا النظام يرصد المخالفات دون أن يبين أماكن الكاميرات. مؤكدا أنه نقل حالة عدم رضاه ووجهة نظره إلى القائمين على المديرية العامة للمرور. وبصراحته المعهودة قال: «إذا كان القصد من تطبيق نظام ساهر هو زيادة حصيلة وزارة المالية فهذا أمر آخر!!». والأمير مقرن بهذا التصريح الصريح والمخلص تفاعل مع معاناة المواطنين من هذا النظام، وعبر عن نبض الشارع، فكان أميرا بكلمة الحق. والتصريح الذي تناقلته مواقع الإنترنت وألسنة الناس بالإشادة والتقدير يستوجب أن يحظى باهتمام الإدارة العامة للمرور، حيث يجب ألا يستهدف النظام تصيد الأخطاء بل إصلاحها ومعالجتها. وهذا مبدأ عام في أنظمة العقوبات العالمية والمحلية. ولهذا يتوجب إيضاح مواقع الكاميرات، كما هو الحال في الدول المتقدمة؛ مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا، بل توجد في بعض الدول أجهزة تخطر السائق وتنبهه عند اقترابه من تجاوز الحد المسموح به للسرعة. وإلى جانب ذلك، فإن تحديد حد السرعة في الشوارع في مدينة جدة يثير تساؤلات حول الأسس التي تم بموجبها تحديد السرعة وتباينها؛ لأن تحديد السرعة هو المعيار الذي يتم بناء عليه منح المخالفة، فمن غير المنطق أن يكون الطريق سريعا وتحدد فيه السرعة ب(80) كلم، كما هو حاصل في أجزاء من الخط السريع.. ومن غير المنطق أن يكون حد السرعة (100) كلم، ثم فجأة تصبح (80) كلم، وذلك دون مبرر مروري، وكأنه فخ نصب للسائقين!!، مثال ذلك طريق الملك في الاتجاه جنوبا من ميدان الكرة الأرضية حد السرعة (100) كلم وفجأة يتحول إلى (80) كلم من بعد تقاطع شارع حراء، رغم أن الامتداد واحد وعدد المسارات واحد والطريق واحد. كما أن المستغرب أن حد السرعة في شوارع جدة مكتوب باللغة العربية فقط، وهو ما يدعونا إلى التساؤل حول مصير من لا يقرأون العربية هل تجوز -قانونيا- محاسبتهم طالما لا يستطيعون قراءة حد السرعة. وهناك تذمر من القيمة المالية المحددة للمخالفات، فهي عالية على الغالبية من السكان.. هذا إلى جانب أمر آخر، تجب إعادة النظر فيه وهو تضاعف قيمة المخالفة بعد مرور شهر على إصدارها، فقد يكون في ذلك غبن غير مقبول، وليس هناك من مبرر له. وأخيرا.. فإنني أتمنى من القائمين على المرور أن يدركوا أن الدولة -ولله الحمد والمنة- غنية وولاة الأمر حريصون على رفاهية المواطن، وبالتالي لا نريد لنظام ساهر أن يكون محورا لاستنزاف جيوب المواطنين والمقيمين.