هذا مثل عربي متداول يضرب للرجل لمعرفة قدره ومكانته وإمكانياته، تذكرت وأحد المسؤولين يروي بألم ومضاضة كثرة من راجعه خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك وغيرها من المناسبات والأعياد، فعلاوة على كثرة المتسولين الذين يحاصرونك في كل مكان في المساجد والأسواق وإشارات المرور وأماكن العمل وفي المنازل تجدهم دائما وبالذات خلال شهر رمضان، فرغم تنبيهات المسؤولين ومناشدتهم عدم إعطاء المتسولين حتى لا يكون ذلك تشجيعا لهم، خصوصا أن أغلب المتسولين من الوافدين مما يشوه سمعة بلادنا ومكانتها. أعود لهذا المسؤول والذي جلست انتظر الدخول عليه في مكتبه، وقد شاهدت عدة أشخاص من العاملين في مؤسسته من موظف إلى عامل إلى رجل أمن وكل منهم يقدم له خطابا، وعند دخولي عليه وجدته ممتعضا من تفشي هذه الظاهرة المزرية، وهي (الشحاذة) أي التسول بدعوى قرب العيد وقلة الراتب وأنه سيشتري لأولاده ملابس العيد أو سيسافر إلى أهله.. أو.. أو... إلخ، وعذرهم أن رواتبهم قليلة وأن المستلزمات غالية، فيقول: أنا ما ذنبي؟ نحن نشجع اليد العاملة الوطنية.. ونقدمهم على غيرهم، ومع ذلك لا يقنعون أو يترفعون عن هذه العادة السيئة، وضرب مثلا بأحدهم والذي يستلم ما لا يقل عن خمسة آلاف ريال شهريا مع راتبين زيادة تشجيعية سنويا. ومع ذلك لا يتورع عن أن يذل نفسه ويمد يده طالبا المساعدة، وهذه عادة سيئة ستبقى ملتصقة به طول عمره ما لم يكن عزيز نفس، ويعلم نفسه القناعة والقبول بالأمر الواقع وتحسين مستواه العلمي والمعرفي بالدورات التدريبية ومواصلة الدراسة ولو عن طريق الانتساب لمن فاتهم مواصلتها لأمر من الأمور.. فالشخص الذي يتعود على مد يده سائلا الآخر مساعدته سيستمر حتى لو تحسن وضعه المادي، أتذكر قبل سنوات طويلة أن كنت في إحدى المرات مع صديق من أهل البلدة التي كنت أزوره فيها، فتقدم شحاذ مهلهل الثياب يشحذ الحضور فهممت بمساعدته، ولكن رفيقي أشار لي بعدم إعطائه شيئا، وعند ذهابه قال: أنا أعرف هذا الشخص، فهذه مهنته رغم أنه يعمل ساعيا في الإدارة الفلانية ويقبض مرتبا من الضمان الاجتماعي، ولديه 3 بيوت يؤجرها، وعلاوة على ذلك يرابي أي يدين المحتاجين بمضاعفة الربح، وذكر وظيفة وضيعة رابعة أتحرج من ذكرها. فقلت للمسؤول المشار إليه في البداية قد نكون نحن من أسباب تكريس هذه العادة وتشجيعها لأن العاطفة تأخذنا لتصديقه، وبالتالي يستمر في هذه العادة، ويكررها لأنه لن يخسر شيئا.. فلو اتفقنا على رفض ومحاربة هذه العادة فربما قلت أو انتهت. وذكرت له قصصا أخرى قبل سنوات قليلة من أساليب التسول العصري، وهو أن يوقفك أحدهم ومعه أولاده أو إحدى نسائه، ويقول إنه غريب، وقد انقطعت به السبل ويحتاج إلى إصلاح سيارته أو تسديد فاتورة كهرباء أو شراء أدوية من صيدلية... وهكذا، وعرفت مسؤولا نزع اللوحة التي تحمل اسمه من مدخل منزله، وعندما سألته ذكر لي قصصا من أساليبهم: وأن إحداهن طرقت عليه الباب، وقالت إن زوجها في المستشفى وقد أرسلها له ليعطيها مبلغا محددا وكان يعرف زوجها.. وعند اتصاله به للاطمئنان عليه وسأله أنكر أن يكون أرسل له أحدا... وغير ذلك. فيفترض فينا أن نكون حازمين ولا تأخذنا العاطفة، التي قد تسيء أكثر مما تصلح.. فليشجع الشباب على تحسين مستواهم وعلى زيادة حرصهم على المواظبة على العمل وإتقان المهارات التي تزيد من خبرتهم وترفع من مستواهم، مما يزيد في رواتبهم ويكفيهم سؤلة الناس، فالمسألة مذلة، واليد العليا خير من اليد السفلى. وقد سمعت بقصة أن أحد أبناء شيوخ إحدى القبائل المشهورة وقد قتل أحد أبناء قبيلة أخرى، وقد توسط كبار القوم بطلب العفو والسماح عن تطبيق عقوبة المعاملة بالقصاص، مقابل ما يطلب من دية مضاعفة، فوافق دون مقابل مادي شريطة أن يمر على البيوت كمتسول لمدة شهر فقط.. فقبلوا هذا الشرط لسهولته.. ولكنه استمر بعد ذلك متمسكا بهذه العادة الذميمة.. لقد أصبحت مهنة دائمة له.. وقد زوجه والده.. وابتعث للدراسة في أمريكا.. وسمع والده وغيره أن عادته لازمته حتى هناك، وهكذا، فالعادة عندما تتمكن من الشخص لا يمكن الفكاك منها أو عنها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة