قرأت قبل أيام في عدة صحف محلية عن جيوش المتسولين.. ففي صحيفة الرياض يقول عنوان الخبر: (نسبة السعوديين 33 في المائة معظمها نساء.. قرابة 60 ألف متسول في قبضة شرطة الرياض) خلال عام واحد 1430ه والخبر نفسه يرد في صحيفة الجزيرة (القبض على أكثر من 59 ألف متسول ومتسولة 67 في المائة وافدون و33 في المائة سعوديون، بلغت نسبة الرجال ما يقارب 59 في المائة مقابل 25 في المائة من النساء و16 في المائة من الأطفال. وستتم إحالة السعوديين إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لدراسة حالتهم والتأكد من مدى حاجتهم للمساعدة. أما المتسولون الأجانب فيحولون إلى الجهة المختصة لمعالجة وضعهم والعمل على ترحيلهم إلى بلدانهم. كتب الأستاذ عبدالرحمن الجوهري في «عكاظ» بتاريخ 28/12/1431ه تحت عنوان (60 ألف شحاذ في الرياض)، وكتب الأستاذ عابد خزندار في الرياض في 21/12/1431ه تحت عنوان (جيوش المتسولين)، ومثله كتب الأستاذ عبدالله خياط في «عكاظ» في 5/1/1432ه تحت عنوان (المتسولون في الرياض كيف؟) وغيرهم كتب والكل يستنكر فزعا من هول هذا العدد الضخم في فترة محددة وفي بلدة واحدة. فكيف بالله عليكم بقية المناطق؟ كيف سيكون مجموع المتسولين لو جمع ما يقبض عليه مثلا في مكةالمكرمة والمدينة المنورة فمن يأتي بدعوى الحج والعمرة من المتسولين بالآلاف لو ضربنا هذا الرقم بعشرين وهو قليل سيكون أكثر من مليون ونصف.. أي سجن، أو مئات السجون ستتسع لهم، هل من علاج ناجح لهذه الظاهرة المخيفة والمفزعة.. لن نعدد حيل وألاعيب المتسولين المحترفين وتظاهرهم بالإعاقة وحملهم للصكوك المزورة أو فواتير الكهرباء أو وصفات الأطباء.. وما نشرته صحيفة الوطن في 7/1/1432ه (متسولات يطاردن المعلمات داخل المدارس) وهن يحملن تقارير طبية وصورا مأساوية ويتظاهرن بأنهن وليات أمور طالبات.. فعندما قالت لها إحدى المعلمات: (على الله).. أجابتها المتسولة: (تجيك من الله)، وقالت إحدى المعلمات إن جيوش المتسولات يغزون المدارس في نهاية كل شهر إذا عرفت أن المدرسات استلمن رواتبهن. ومن حيل بعض المتسولين كما رواها صديق: أن معالي وزير الشؤون الاجتماعية السابق الدكتور علي النملة قد جاءه أحدهم على كرسي متحرك وهو يتصنع (الانتفاضة) من جميع جسمه ويرتعش بشكل دائم ويشكي للوزير حالته ووضعه العائلي وحاجته.. وقد أخذت الوزير الحمية والعطف والحماس بأن وجد مبلغا في درج مكتبه وضع للطوارئ وقدره عشرة آلاف ريال وأعطاه إياها ودعا مسؤولا من وكالة الوزارة للضمان الاجتماعي بسرعة دراسة حالته وتسجيله. وصرف راتب له كغيره.. وخرج وبعد ساعة والوزير يتهيأ لصلاة الظهر حانت منه التفاتة إلى باب الوزارة من خلف الزجاج المغلق، فوجد المتسول وقد ترجل من كرسيه، وضمه إلى بعضه، وفتح صندوق سيارته ووضعه فيها، واستقل سيارته وذهب مسرعا للنصب مرة أخرى على ضحية جديدة. حاول الوزير أن يرسل من يوقفه ولكنه لم يستطع أن يدركه قبل فراره. هذه مشكلة مستشرية ومستعصية.. فما زالت أعداد المتسولين في ازدياد، فعند إشارات المرور، وفي المساجد، والمكاتب، والبنوك، والمحال التجارية، تجدهم يتصنعون العجز والإعاقة والغريب أنك تجد بينهم شبابا في مقتبل العمر وبكامل الصحة والعافية يوقفك ليقول لك إنه قد حضر للتو من بلد آخر وليس لديه ما يأكله أو يوصله لهدفه، إن أعطيته فقد شجعته وإن منعته أو نهرته أجابك بعبارات السب والشتم أهونها.. وهو يتحسب عليك.. كنا لا نراهم في ازدياد إلا في الأعياد أو شهر رمضان المبارك ولكنهم الآن أصبحوا يفاجئونك بشكل دائم وفي كل مكان ولا بد من تضافر الجهود والتعاون بين الجهات الرسمية الأمنية منها بالذات للقضاء على هذه الظاهرة التي تشوه منظر البلد وسمعته، وقد تشجع وهو الأقرب على امتهان السرقة والاعتداء بالإكراه.. فبعضهم تجده يمر على المنازل لمعرفة مداخلها وبالذات أيام العطل. فتجده يطرق الباب أو يرن الجرس حتى يتأكد ألا أحد في المنزل، أو يترك في الباب صحيفة أو ورقة فيعود مرة أخرى ليجدها مكانها من غير إزالة فيعرف ألا أحد هنا فيتهيأ للسرقة .. وهكذا.. وقبل أن أنهي موضوع التسول فاجأتنا الصحافة في 13 محرم 1432ه بخبرين آخرين مفزعين لا يقلان عما سبق. فقد نشرت صحيفة عكاظ مقالا للأستاذ عبدالله مفرح بعنوان: (لماذا ارتفعت معدلات الانتحار إلى الضعف؟) إذ سبق أن نشرت بعض الصحف خبرا بأن عدد المنتحرين خلال عام 1430ه بلغ 787 حالة مقارنة بما تم خلال عام 1417ه، إذ بلغ 259 حالة انتحار؛ هذا الرقم خلال عام واحد يدعو كما قال كاتب المقال إلى إطلاق برنامج وطني لتطوير الممارسات السلوكية بتطوير مناهج التعليم العام لتطوير تركيبة الطلاب النفسية مع حملة تتولاها وزارة الثقافة والإعلام ووزارة الشؤون الاجتماعية بالتوعية التدريجية لتغيير الممارسات السلبية في المجتمع التي تأخذ المجتمع إلى مزيد من الأذى النفسي، وتؤثر على إنتاجيته وإبداعه وقدرته على التكيف مع ظروف الحياة المختلفة. والخبر الثاني ما نشرته صحيفة الرياض وعنوانه يكفي (إنجازات الأمن بجازان العام الماضي.. القبض على (322) ألف مخالف لنظام الإقامة وأكثر من 1200 سيارة مطلوبة). وأنا أسأل وبألم وخوف إذا كان هذا الرقم الكبير في جازان وحدها، فكيف ببقية المدن والمناطق.. يا لطيف .. إلطف بعبادك؟! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة