مثلما ينتظر الموظفون صرف رواتبهم على أحر من الجمر نهاية كل شهر، كذلك يترقب المتسولون صرف هذه الرواتب في سانحة لزيادة نشاطهم وإنعاش جيوبهم. واللافت ظاهرة التسول عند الإشارات المرورية وبجوار الأسواق وعند الصرافات مع فارق الحيل التي يلجأ إليها بعض من يستغل أولئك المتسولين في ظل غياب مكافحة التسول عن محاربة هذه الظاهرة التي صارت تعنون لشوارعنا وصرافات البنوك لدينا، وتستقبلك عند أسواقنا ومتاجرنا في تشويه متعمد للمشهد العام. معوق في الصناعية عدسة «عكاظ» رصدت ثلاث حالات في ليلة واحدة في ثلاثة أماكن مختلفة من محافظة خميس مشيط، أولى الحالات لدى أحد محال قطع غيار السيارات في صناعية أحد رفيدة، حيث حضر أحد المعوقين من جنسية عربية على ركبتيه في مشهد محزن وهو يطلب المساعدة من الزبائن ومن أصحاب محال قطع الغيار، وعند سؤاله عن العاهة التي يعاني منها أوضح أنه يعاني من شلل القدمين منذ صغره، وقد حضر من بلده العربي قبل فترة وجيزة، والسؤال: من أحضر هذا المعوق من دولة مجاورة إلى المملكة؟ الإجابة واضحة، وهي استغلال إعاقة هذا الشاب في ممارسة التسول، والزائر لمتنزه الفرعاء سيجد عشرات النماذج لهذا الشاب على رؤوس الجبال حيث ينزلون بين الحين والآخر للتسول من المتنزهين والمصطافين. الحالة الأخرى لطفل من جنسية أفريقية يجلس بجوار أحد الصرافات الآلية يطلب الإحسان من كل شخص يمر عند هذا الصراف، والسؤال: من أرسله إلى هنا للتسول عند الصرافات؟ يجيب: أنا وخمسة أطفال آخرين يوزعنا عمنا عند الصرافات الآلية كل ليلة ويطلب منا الإلحاح على الناس بالمساعدة أو البكاء وإلا فالعقاب ينتظرنا. وعند سؤاله أين أهله، أجاب: والدتي تعمل خادمة، ووالدي لا أعلم عنه شيئا، والرجل الذي أعمل عنده في التسول تقول والدتي إنه عمي ولابد أن أنفذ كل ما يقول حتى لايعاقبني. استدرار العطف أما النموذج الثالث فلامرأة من جنسية عربية تحمل بين ذراعيها طفلة رضيعة يبدو عليها الوهن من كثرة حملها طوال اليوم في شوارع خميس مشيط، واستقر الحال بالأم وطفلها عند بوابة أحد المتاجر الشهيرة لبيع المواد الغذائية لاستدرار عطف المتسوقين. تقول الأم: أنا وطفلتي حضرنا من بلدنا قبل عام ونصف العام مع زوجي وسكنا أحد الجبال مع مجموعة من بني جلدتنا ونعيش على صدقات المحسنين من الناس. وعن مكان زوجها أوضحت أنه يتسول في مكان آخر وكل منهما يعود بغنيمته آخر الليل. عدد من المواطنين استغربوا ترك هذه الظاهرة تتنامى بهذا الشكل، حيث أصبحت شوارعنا عنوانها التسول، مطالبين بتكثيف رجال مكافحة التسول للقضاء على هذه الظاهرة. واعتبر المواطنون الجمعيات الخيرية وهيئات الإغاثة وحملات التصدق الإعلامية كما حدث مع الصومال أخيرا هي الأولى بالتصدق والزكاة بدلا من تشجيع ظاهرة التسول، وتحقيق أهداف المستغلين لأصحاب العاهات والإعاقات في عمليات التسول. ووجه محمد عسيري أصابع الاتهام إلى جمعية مكافحة التسول والتي اعتبر دورها سلبيا للغاية، مطالبا مكافحة التسول بتفعيل دورها والقيام بواجبها. أما علي القحطاني، فأكد أن العصابات المنظمة التي تدير توجيه هؤلاء المتسولين ينطلق نشاطها من جبال متنزهات دلغان والفرعاء والتي يتخذونها مأوى لهم ومنها يبدأون نشاطهم مستغلين النساء والأطفال في ممارسة التسول.