سعيد اللاوندي، أكاديمي وكاتب في صحيفة الأهرام المصرية، قرأت له كتابا، لفت نظري عنوانه (كذب المثقفون ولو صدقوا) الكتاب يضم بعض المقالات التي تتحدث عن بواطن الأمور بين المثقفين مما لم يطلع عليه العامة، وهي لوجه الحق، في مجملها بواطن سوداء لا تسر الناظرين. فالمثقفون كما يقول عنهم، «يتشدقون بديموقراطية الفكر، وحرية التعبير، مع أنهم أول من يتمرد عليها، ولا يترددون في وأدها أو طعنها من الخلف».. «ويملؤون الدنيا ضجيجا حول أزمة الحوار مع ثقافة الآخر، بينما هم أبناء الثقافة الواحدة، لا حوار بينهم».. ترتعد فرائصهم «خوفا من أية فكرة أو رؤية عميقة وصادقة وحسبهم من الأمور القشور ومن القلادة ما يحيط بالعنق أو يكاد ومن الجلباب ما يستر العورة أو جزءا منها». ما الذي يدفع باللاوندي إلى هذه النظرة الناقمة على المثقفين؟ ما الذي يجعله يحمل كل ها السخط عليهم؟. حين تقرأ الكتاب، تكشف لك صفحاته بعض مواقف مر بها مع عدد من المثقفين، بعضها كان هو طرفا فيها، وبعضها كان شاهدا عليه، وهي مواقف تتجلى فيها قيم أخلاقية، غالبا ما تكتنزها نفوس الناس كلهم مثقفين وغيرهم، ولا فرق !. من تلك المواقف ما يحكيه عن انتقام رئيسه منه بتوجيه لفت نظر إليه، لأنه لم يصغ إلى رأيه في عدم الذهاب من باريس إلى مرسيليا لمقابلة أمين عام الجامعة، الذي كان هناك لحضور ندوة أورمتوسطية، وأصر على الذهاب في يوم إجازته وعلى نفقته الشخصية، إلا أن الرئيس عد ذلك تحديا له فانتقم منه بتوجيه لفت النظر إليه. ومنها تعرضه للإهانة والشتم والتهديد بالطرد من رئيسه، وذلك لأنه كان أسرع منه فسبقه إلى مقابلة عمرو موسى. ومنها أيضا ما يذكره عن الخصومة بين أحمد عبد المعطي حجازي وأدونيس، وكيف أن حجازي مضى يحرضه على أن يكتب عن كتاب لباحث عراقي بعنوان (أدونيس منتحلا)، والكتاب كما وصفه المؤلف «لا يقول سوى شيء واحد هو أن أدونيس لم يبدع لا شعرا ولا نثرا وكتاباته ليست إلا مجموع سرقات أدبية خطفها من هنا وهناك».. وكذلك الخصومة بين لويس عوض ومحمود شاكر، الذي ألف كتابه أباطيل وأسمار في تفنيد ما قاله لويس عوض في مقال كتبه حول (رسالة الغفران بين أبي العلاء ودانتي). حين يتحدث اللاوندي عما وراء الستار في حياة المثقفين من تناقضات السلوك والشيم، هل هو يعرض شيئا جديدا ؟. هل من جديد في أن الناس منذ أن خلقوا يكونون دمثين مهذبين متسامحين طالما أن الأمر بعيد عن حدودهم، لكنه متى اقترب من حماهم، وهبت رياحه تمس جلودهم، زهدوا في كل الأثواب المزخرفة بالجمال الخلقي، فنضوها عنهم وتجردوا عارين إلا من غرائزهم وأنانيتهم .. لا تلوموا المثقفين فما هم إلا جماعة من الناس. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة