ما كنت حريصا على الكتابة عن نظام «ساهر» لكثرة من كتب عنه، وتضامني أن الكتابة الناقدة قد لا تحقق شيئا من الفائدة .. ولكن حديث سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة عنه، وكذلك الخطبة الجميلة التي سمعتها من خطيب مسجدنا وكيل جامعة الملك فيصل الدكتور محمد العمير عن أحداث المرور في بلادنا وفظاعتها، كل ذلك دفعني للحديث عن هذا النظام الذي كثر الجدل حوله ولا زال. شخصيا أنا مع هذا النظام ومع كل نظام آخر يحد من أهوال الحوادث التي نراها في شوارعنا والتي أكدت التقارير أنها أخطر من نتائج الحروب وكوارثها .. ولكن وقوفي إلى جانب هذا النظام لا يعني أنني أقف مع كل تفاصيله ففي هذه التفاصيل ما يجب العدول عنه فورا، كما أن في بعضها ضعفا في حسن التطبيق مما ينعكس سلبا على المواطنين الذي يشملهم هذا النظام. سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز وفي مؤتمر التعاملات الإلكترونية الذي عقد في الرياض، علق على هذا النظام بقوله: «المرور ليس مجرد نظام ساهر بل لديه خدمات أخرى، وحتى نظام ساهر أنا على خلاف مع آلية تطبيقه الحالية حيث أخبرت القائمين عليه بأنه إذا كان القصد من هذا النظام زيادة حصيلة وزارة المالية منه فهذا أمر آخر، أما إن كان الهدف من النظام سلامة المواطن فيجب توضيح موقع الكاميرا أمام السائق على الطريق» ( الشرق الأوسط، 29/9/2010م). هناك اتفاق تام بين المواطنين على أهمية هذا النظام، كما أن الإحصاءات أثبتت كفاءة هذا النظام في تقليل الحوادث، وبحسب صحيفة الرياض 19 شوال 1431ه فإن الوفيات انخفضت بنسبة 38 % وكذلك انخفضت نسبة الإصابات 9 % أما الحوادث فقد انخفضت نسبتها إلى 21 %، وهذه النسب تؤكد نجاح هذا النظام خاصة ونحن في بداية تطبيقه إذ أنني أتوقع زيادة تلك النسب مستقبلا حيث سيعتاد السائقون عليه بانتظام. أقول ما حققه نظام ساهر كان جيدا، ولكن لماذا قابله المواطنون ولا زالوا بامتعاض شديد؟! أعتقد أن السبب لخصه سمو الأمير مقرن وهو الخبير بكل كلمة يقولها وهو أن هذا النظام اعتمد بشكل كبير على مفهوم الجباية وبصورة لافتة للنظر، ولأن المواطن لا يسره أن يعامل بتلك الطريقة، حتى القادر على الدفع فضلا عن شريحة كبيرة لا تستطيع دفع الغرامات المضاعفة التي لا أعرف أحدا استطاع معرفة أسبابها! الأمير مقرن اقترح أن توضع علامات تحدد أماكن كاميرات التصوير، ولأنني أعتقد أن القائمين على «ساهر» لن يفعلوا ذلك فإنني أعتقد أن من حق المواطن أن يعرف العلامات التي تحدد مقدار السرعة وقبل أن يصل إليها بوقت كاف. الذي يحصل حاليا في الرياض فيه خداع للمواطنين ولأنني لا أسكن في الرياض وخشية أن تنتقل العدوى للشرقية فإني ومن واقع تجربة في شارع واحد التخصصي وجدت أن علامات السرعة لا تفي بالغرض مطلقا! فمثلا يرى السائق أن السرعة المسموح بها في جزء من هذا الشارع 70 كم وهذه يصعب على الكثيرين رؤيتها غالبا لأنها مكتوبة على لوحة صغيرة جدا وعلى جانب الطريق، وهذه أولى الأخطاء في آلية تطبيق هذا النظام، ثم بعد ذلك قد تنخفض السرعة فجأة إلى 50 كم دون أن ينتبه السائق إلى هذا التغير المفاجئ، وهكذا نجد أن معظم شوارع الرياض تعاني من الشيء نفسه، مما لا يجعلك تستغرب إذا سمعت أن أحدهم أخذ أكثر من مخالفة في شارع واحد. المشكلة الأخرى والأسوأ في آلية الإبلاغ عن المخالفات فهذا النظام يفترض أن كل مواطن يجب عليه الاشتراك في التبليغ الإلكتروني لكي يعرف مخالفته سريعا، لكن الواقع يقول إنه من المستحيل أن يفعل ذلك كل المواطنين لاسيما أن الرياض مثلا مقصد كل أو معظم سكان المملكة، المتعلم منهم وغير المتعلم، فكيف نفرض على تلك الشرائح الالتحاق بنظام ساهر الإلكتروني لمعرفة مخالفاتهم؟! ونتيجة لهذا الفراغ يتأخر المواطن عن تسديد فاتورته بحكم أنه لا يعرفها أصلا ثم تتضاعف عليه بحجة أنه قصر في سرعة التسديد!! ومن هنا جاء الرفض لهذه الآلية غير العادلة والتي تلحق أذى كبيرا بشريحة من المواطنين. أتفق مع سمو الأمير مقرن بأن الهدف من هذا النظام ليس زيادة حصيلة وزارة المالية، بل الهدف منه تقليل الخسائر المادية والبشرية إلى أقصى حد ممكن .. وهذا الهدف لن يتحقق بالكامل إلا إذا تعاون المواطنون عمليا مع هذا النظام، ولن يفعلوا ذلك ما لم يقتنعوا به بالكامل. إن بعض تصريحات العيمد عبدالرحمن المقبل تؤكد ما ذهبت إليه، فقد ذكر أكثر من مرة بعض الصور التي يلجأ إليها البعض تهربا من كاميرات ساهر، أما الذين لا يفعلون ذلك فيكتفون بالحديث عن سلبياته في مجالهم. نريد من الكل أن يرحب بهذا النظام الذي يحفظ حياته وحياة أسرته بعد الله عز وجل ، ونريد من خطباء الجمعة أن يتحدثوا عن هذا النظام وعن أهمية الالتزام بنظام المرور كاملا لأنه يصب في مصلحتهم! لقد هالني وهال كل حاضري خطبة الدكتور محمد العمير الأرقام التي ذكرها! أكثر من ستة آلاف قتيل سنويا، وأكثر من عشرين ألف مصاب، ومليارات الريالات من الخسائر، قلت في نفسي وأنا أستمع لهذه الأرقام: لو دخلنا في حرب فلن تبلغ خسائرنا إلا جزءا من خسائرنا في أحداث المرور، فهل يعقل ذلك؟! وهل يجوز الصبر عليه؟! ساهر يسهر على حياتنا ومصالحنا، هذا صحيح ونشكر القائمين عليه، لكننا نريدهم أيضا أن يسهروا على أموالنا فلا يأخذوا منها إلا ما لا بد منه أما ما سوى ذلك فيتركونه لأصحابه، إن فعلوا ذلك فسنسهر معهم وإلا فسيسهرون لوحدهم!!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة