لا يخلو مجلس من المجالس من سرد قصص الحسد والعين، خصوصا مع كثرة الابتلاءات والأمراض المستعصية، حتى غدا هاجسا يقلق راحة الناس بمختلف مستوياتهم الثقافية والعلمية وفئاتهم العمرية. هذا الحسد الذي بات يشكل هاجسا في صالات الأفراح لأهل العروسين، جعل كثيرا من الأسر بدلا من الاحتفاء بأبنائهم والفرح بهم يعمدون إلى تخصيص أشخاص مهمتهم فقط متابعة الحاسدين لدفع شررهم على حد وصفهم مع أن التقيد بالأذكار والأوراد يدفع العين بإذن الله. وأمام ذلك، يقول المعالج بالرقية الشيخ محمد العايد إن المداومة على الأوراد اليومية تحصن الإنسان من العين أو السحر حتى لو شرب كأسا به سحر فلا يصيبه بإذن الله شيء، ولكن الناس غالبا ما ينسون أو يغفلون عن قراءة التحصين والأوراد فيصيبهم ما يخافون من السحر والعين والحسد، وهنا لا بد من الذهاب إلى المتخصصين في الرقية الشرعية للقراءة، وإذا تبين لنا من خلال القراءة أن هذا الشخص مصاب بعين وهو متوجس من شخص ما ظهر له في رؤية رآها في المنام أو شك في رميه بالعين، فبإمكانه إحضار شيء من أثره ويغتسل به (بصبه من على الرأس) ولا يشربه، أما أن يأتي بآثار الناس والجمع كله كما يحدث ويغتسل بها كما يفعل بعض الناس للوقاية من العين فهذا لا يفيد ولا يأتي بنتيجة، وإنما إذا فعل ذلك بعد وقوع العين قد يفيد بإذن الله. ويؤكد العايد على أهمية الرقية للمصاب من المعالج، وقال: لا يستطيع الإنسان أن يرقي نفسه، فجبريل رقى الرسول عليه الصلاة والسلام بالفاتحة ولم يرقِ الرسول نفسه، فالورد وقاية من السحر والعين والرقية علاج. فالشخص المصاب لا يستطيع التحكم في نفسه، ولا بد من وجود شخص معه لإمساكه لإتمام الرقية، ولا يشترط أن يكون الراقي دارسا أو عالما أو حافظا للقرآن، وهي هبة من الله يهبها لمن يشاء. وعلى الناس المداومة على التحصين والأوراد وعدم تركها، فإذا داوم الإنسان عليها لا تصيبه العين، وما يعانيه ربما يعود لأسباب أخرى، وعليه التوجه للعلاج اليقين بالذهاب للطبيب ومعرفة أسباب الحالة ومتابعتها وعلاجها. نفسيا، بين الأستاذ المشارك في علم النفس في جامعة طيبة الدكتور حسن ثاني أن كثرة التوتر والقلق بين الناس جعلتهم يعزون مشاكلهم وتوترهم إلى عوامل خارجية، فمن الناحية النفسية لا يمكن لشخص أن يؤثر بعينه على الشخص الآخر، فالمشكلة ذاتيه من داخل الإنسان وليست من الأشخاص الخارجيين، وأحيانا من يتوهم أنه مصاب بالعين والحسد يكون في الأساس مصابا باضطرابات نفسية أو بالتوتر، فبدل أن يواجه مسؤولية التوهم والاضطراب يلقي باللوم على الآخرين. ويستطرد القول: الحسد هو تمني زوال النعمة ويأتي أثره ماديا بإيذاء الآخر، كما حدث في قصة سيدنا يوسف عليه السلام عندما حسده إخوانه لحب أبيه الشديد له، فتأمروا عليه بأن ألقوه في غيابة الجب، وهذا هو ترجمة الحسد أن يكون تأثيره ملموسا، وهذا هو الحسد غير المحمود والخطير، فدائما ما يأتي إلينا أناس يعانون من اضطرابات نفسية وهم يتوهمون أن مشكلتهم عين وحسد، ودورنا معالجة مرضهم النفسي وعدم مصارحتهم بأن ما يؤمنون به أوهام تجنبا للدخول معهم في مهاترات، وبالعلاج نغير وجهة نظرهم بشكل علمي، خصوصا أن الذين يعالجون الحسد من الأطباء الشعبيين يزيدون من الإيحاء للمتلقي بأنه محسود من قريب أو غريب، فلا بد للناس أن يواجهوا مشاكلهم للسيطرة عليها إما بالعلاج أو بالتحصين الذاتي، وعدم الاستسلام للمتاجرين بنفسيات البشر واللعب بالإيحاء.