تتردى خدمات النظافة في حي «كندرة جدة» فيما ينشغل عمال الشركة المتعاقدة مع الأمانة بجمع العلب الفارغة والمواد البلاستيكية وغيرها لبيعها، متحججين بضعف رواتبهم التي لا تتجاوز ال 350 ريالًا. «المدينة» قامت بجولة ميدانية في الحي رصدت من خلالها واقع النظافة المتردي.. بعض الحاويات مثقوبة من الأسفل، والبعض الآخر تكدست النفايات حتى فاضت وتبعثرت حوله في الشوارع العامة، التي تحولت إلى مطاعم مفتوحة للقطط والحشرات.. عربات شركات النظافة هي الأخرى تسيل منها سوائل ملوثة جراء النفايات التي لا تخلو من بعض السوائل، لتملأ المكان بروائح كريهة تزكم الأنوف، فيما كيابل خطوط الهواتف الثابتة مفتوحة دون أغطية. وتحدث ل «المدينة» عدد من سكان الحي مشيرين إلى أن عمال النظافة أصبحوا مجرد «ديكور» يرفعون ما تيسر من الأوراق الكبيرة، ويتركون ما دونها من النفايات تتكدس لتشوه منظر الحي، ومن ثم تنبعث منها الروائح الكريهة، التى اعتاد عليها أهل الحي. «البخشيش» أحمد منصور -22 عاما- وهو موظف في كابينة اتصالات بالحي قال: «يأتي عامل النظافة كل صباح فيقوم بالتقاط النفايات، ويجمعها قرب عدد من المحلات ثم يطلب (بخشيشا) تصريحا أو تلميحا من أجل أن يزيحها عن المحل، ودائما أنا وهو في حالة شجار على هذا الحال». واقترح خالد الذيباني -39 عاما- أن يقوم الأهالي بتنظيف الحي بدلًا من عمال النظافة المشغولين بجمع علب المشروبات الغازية الفارغة، مشيرا إلى أنه لا مقارنة في النظافة بين شمال جدة وجنوبها، «والسبب معروف». عمال النظافة: رواتبنا ضعيفة وفي مقابل هذه الاتهامات قال مختار عبدالرحمن -33 عاما- وعبدالسلام صديق -28 عاما- وهما عاملا نظافة بإحدى الشركات: «ضعف الراتب يدفعنا للعمل في جمع الخردة وعلب المشروبات الغازية لبيعها والاستفادة من ثمنها في تغطية بعض احتياجاتنا، فالراتب الشهري للعامل 350 ريالا فقط، وفي كثير من الأوقات تتأخر الشركة في صرفه لنا، ونحن لدينا عوائل نصرف عليها في بلادنا، ولو تحسن وضعنا المادي لما قمنا بذلك». عشقي: لا نستغرب انتشار البعوض والقوارض بجدة قال الدكتور علي عشقي أستاذ البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز: «الروائح الكريهة بخرت مدينة جدة كلها، حتى انتشر البعوض والقوارض، وذلك بسبب تراكم النفايات، وهذا أمر خطير، حيث تتجمع عليها الحشرات والفئران والغربان، وتتكاثر البكتيريا، وكل هذه يؤثر سلبا على صحة الإنسان». د. الحامد: تراكم النفايات يسبب التوتر والاكتئاب أكد الدكتور محمد الحامد استشاري الأمراض النفسية وعضو الجمعية الأمريكية للطب النفسي ل «المدينة» أن تراكم النفايات يسبب العديد من الأمراض النفسية لأهل الحي، منها التوتر والقلق والاكتئاب. وبين أن من أسباب الإصابة بالأمراض النفسية تلك المناظر غير الحضارية للأحياء السكنية، والمتمثلة في تكدس النفايات، مما يخلق بيئة مشحونة بأمراض نفسية عديدة، وذلك عكس المناظر الجميلة التي تساعد على علاج بعض الأمراض النفسية. “الأمانة”: فرضنا غرامات مالية على الشركات المقصرة قال مساعد وكيل أمانة جدة لشؤون البيئة والنظافة الدكتور عبدالقادر تنكل في إجابته عن سؤال «المدينة» حول أسباب تردي مستوى خدمات النظافة في حي الكندرة والإجراء الذي اتخذته الأمانة لتحسين الوضع: «ثبت لدينا وجود تقصير واضح في نظافة بعض الأحياء من بينها الكندرة، وبدورنا قمنا بمعاقبة بعض شركات النظافة، وذلك بفرض عقوبات وغرامات مالية عليها». وأضاف: «العقوبات بحد ذاتها ليست حلا، وإنما الأهم هو ما الذي حدث بعدها، ولا تهمني العقوبة بقدر ما يهمني الإنتاج». وزاد: «اجتمعت مع المختصين ببلدية الجنوب الفرعية وناقشت معهم نظافة الحي، والإشراف عليها، وبإذن الله سيلمس الأهالي تحسنا كبيرا في جودة النظافة خلال الفترة المقبلة».