من الفن إلى الدين ومن الصحافة المكتوبة إلى الإعلام المرئي، فاجأ الجميع مدير تحرير صحيفة الحياة أحمد الفهيد الجميع بظهوره مقدما لفقرة الصحافة في برنامج (حجر الزاوية) مع الدكتور سلمان العودة في رمضان الماضي. «عكاظ» حاورت الفهيد عن تحوله من النقد الفني إلى الإعلام المرئي الديني، حيث أكد أنه خليط من كل شيء ولو لم يكن كذلك لشك في كونه صحافيا، مشددا على أن اختياره كان من قبل مقدم البرنامج فهد السعوي، مشيرا إلى أن الدكتور سلمان العودة رحب بمشاركته في تقديم فقرة (الصوت الناقل)، «وبارك بظهوري معه في البرنامج». وبين الفهيد أنه كان يقضي أكثر من ست ساعات يوميا لتقديم الفقرة الصغيرة العسيرة، مفيدا أنه كان ينزعج من تقديم الآراء المعارضة للدكتور العودة، لكن تذكره لبشاشته وتقبله للرأي الآخر برحابة صدر عالية جعلته يقدم على هذه الخطوة. وتحدى الفهيد من ذكر أن فقرته مفبركة بأن يأتي بدليل ذلك، وأبدى ترحابه بتكرار تجربته في البرنامج العام المقبل إن رأى آل «حجر الزواية» ذلك، وفقا لحديثه.. فإلى تفاصيل الحوار مع الشاب الحليق أحمد الفهيد. • من ناقد فني إلى مذيع في برنامج ديني، كيف تفسر الأمر؟ في الحالتين كنت أقوم بدوري كصحافي، وما أشرت إليه في سؤالك ليس انتقالا تاما وإنما مرحلة من ضمن عشرات المراحل التي مررت بها خلال 16 عاما في بلاط الصحافة، عملت فيها صحافيا رياضيا، وأشرفت على صفحات القراء، وأعددت صفحات الشعر الشعبي، وكتبت مقالات عن الفن والفنانين، وعن الحياة والناس والحب والكذب، وقدمت برامج تلفزيونية حوارية، وحللت ضيفا على برامج فنية ورياضية واجتماعية، لذا أنا خليط من كل شيء، ولو لم أكن كذلك لشككت في كوني أعمل صحافيا. • لكنه كان ظهورا مفاجئا؟ صحيح، لكنه جاء متزامنا مع المرحلة الصحافية التي أعيشها الآن.. هذا أمر، أما الأمر الآخر فإنه جاء ليكون بمثابة المكافأة الثمينة لي، بعد فترات من الإحباط المؤذي. • كيف؟ أحيانا تعبر الحياة من تحت قدميك من دون أن تحس بها، لتكتشف أنك وسط قبر كبير في انتظار أن يحثو عليك الناس التراب، لكن الله يأخذ بيدك في اللحظة الأخيرة لتفهم أن العدل وإن تأخر إلا أنه يتحقق حتما. • هناك من يشككون في صدقية «الفقرة» التي كنت تقدمها في برنامج (حجر الزاوية)، ويؤكدون أنها «فقرة» مدبرة بينك وبين مقدم البرنامج فهد السعوي، بتوجيه مباشر من الشيخ سلمان العودة؟ ذلك من حقهم، لكن من حقي أيضا أن يجهروا بالدليل، لأن مسألة كهذه لا يمكن بث الظنون فيها ارتجالا، وسردها للناس على أنها حقائق وإن لم تثبت صحتها.. هنا يتحول التشكيك من شعور غير أكيد، إلى كذبة بذيئة تأكل «ذمة» صاحبها إلى أن يصبح «بلا ذمة». وما كان يحدث بالضبط هو أنني أقضي ست ساعات يوميا (من الرابعة فجرا وحتى العاشرة صباحا) لأجد ما يستحق أن يطرح في هذه الفقرة القصيرة «العسيرة»، وقبل البث المباشر بدقائق أجلس مع فهد السعوي لبحث محتوى الفقرة «الذي لا يطرأ عليه تغيير إلا فيما ندر جدا»، ومن ثم أقرأه في البرنامج على مسامع الشيخ سلمان العودة ليسمعه أول مرة كما يسمعه المشاهدون تماما. مصداقية الفقرة • إذن يحدث تدخلات في الفقرة؟ نعم يحدث، لكن لا علاقة للدكتور العودة بها، وفهد السعوي هو مقدم البرنامج و«مهنيا» يحق له إزاحة ما لا يراه مناسبا، وليس ما لا يراه لائقا. • وهل هناك فرق؟ فرق شاسع، ففي الأولى المسألة «مهنية» بحتة، أما الثانية فهي محض «عاطفية»، وغالبا المواد المزاحة تكون الحجة فيها «أنه سبقت مناقشتها، وتكرار الحديث فيها لا معنى له». • هل تدربت على فقرتك؟ أبدا، اعتمدت على ثقة كبيرة في النفس، وتشجيع مبهج من السعوي، ومؤازرة إنسانية وتحفيزية من عبد الله المديفر، واستعنت بالله، ثم أدرت المحرك وركبت الطريق. • لكن «الهواء المباشر» قد يخونك؟ سبق أن جربت الهواء المباشر قبل أربعة أعوام حين قدمت برنامج (آخر الليل) في قناة (فواصل) ولساعات أطول، ولم يخني؛ لأنني احترمته، وهو ما فعلته في برنامج (حجر الزاوية)، لذا لم تزل لي قدم. • فقرة «الصوت الناقل» هل كانت من بنات أفكارك، ومن الذي اختارك لتقديمها؟ لا أعلم حقيقة هي فكرة من، ولم أسأل عن صاحبها، لكن الذي اختارني هو فهد السعوي، ولذلك أنا ممتن له حتى يرضى، وممتن له بعد الرضا. • ألم يكن صديقك (سلمان العودة) هو صاحب القرار في اختيارك؟ الشيخ سلمان بارك الاختيار بحب ورحب به. آراء معارضة • هل كان سهلا عليك وأنت صديق للشيخ سلمان العودة أن تنقل له بعض الآراء التي كانت تعارضه أو تنال منه عيانا بيانا؟ لا، كان الأمر مزعجا جدا، وأمضيت أياما وأنا أحاول جر «الحرب بين عاطفتي وأمانتي» إلى هدنة طويلة الأمد من دون جدوى، لكنني في كل مرة أتذكر «بشاشة» الشيخ وتواضعه وطيبة قلبه وسعة صدره؛ أعقلها وأتوكل، فهو (أعني الدكتور العودة) يعلم تماما أن له في قلبي أكثر مما لي فيه، وفي المقابل يعلم علم اليقين أن الأمانة يجب أن تؤدى تامة. • بما أن التجربة نجحت، لماذا لم تنتقل لبرنامج (الحياة كلمة)؟ صحيح أن «حجر الزاوية» و«الحياة كلمة» ذرية بعضها من بعض، لكن طبيعة البرنامجين مختلفة وإن جمعهما قالب شكلي واحد، لهذا لم يكن مناسبا نقل التجربة من برنامج يومي إلى آخر أسبوعي، لأن الإيقاع سيبطئ والمحتوى سيصبح بخيلا. • إذن هل ستكرر التجربة في رمضان المقبل؟ إن رأى آل «حجر الزاوية» تكرارها، سأكون جاهزا. • هناك من تحدث عن وجود خلاف بينك وبين السعوي بسبب تجاوزك في طرح بعض الآراء التي أغضبت الشيخ، فهل هذا صحيح؟ قرأت هذا الكلام في مواقع إلكترونية، وبعض المشاهدين كتبوه على صفحتي في «فيس بوك» أو أرسلوه على بريدي الإلكتروني، وحزنت لأن بعض الناس تقتفي أثرا ليس موجودا على الأرض، أنا وفهد كنا صديقين قبل هذا كله، أما بعده فنحن أكثر من ذلك بكثير. • ألم يزعجك وصفك ب«الشاب الحليق» في تقارير صحافية؟ أنا صحافي، وأعرف جيدا كيف يلعب الصحافيون المباريات المهمة، لذا لم يزعجني الوصف لسببين، الأول؛ أنني كنت «حليقا» فعلا، والثاني؛ لأن لا إساءة في ذلك، ولهذا السبب كنت مصرا على قراءة المقطع كما ورد في الصحيفة التي أنتمي إليها، حتى أنني بعد أيام من نشر التقرير أرسلت رسالة جوال لمدير عام تحرير صحيفة (الحياة) جميل الذيابي في شأن آخر لا علاقة له بالتقرير ولا بالبرنامج ووقعتها بعبارة «مع تحيات الشاب الحليق»، ما يعني أنني لم أغضب من التقرير ولا كاتبه الزميل عادل العيسى ولا الوصف «الطارئ»، وحين أظهر على شاشة التلفزيون فإنني متاح للنقد والملاحظات، سواء من الصحيفة التي أعمل فيها أو من غيرها، هذه قاعدة لا مجال لإغماض العينين عنها.